باب كان وأخواتها
  فصل: قال الشاعر: (طويل)
  فكن أكيس الكيسي إذا كُنتَ فِيهم ... وإنْ كُنتَ في الحمقى فكن أنت أحمقا
  والقوافي منصوبة بدليل قوله:
  وللدهر أثواب فكن في ثيابه ... كلبسته يوما أجد وأخلَفَا(١)
  أراد الابتداء لرفع كما قال الآخر: (طويل)
  أتبكي على لبنى وأنتَ تركتها ... وكُنْتَ عَلَيْها في الملى أنت أقدرُ(٢)
  بالرفع بدليل قوله في القافية الثانية:
  فإن تكن الدنيا بلبني تنكرت ... فللدهر والدنيا بطون وأظهر(٣)
  ولا يفرق بينهما إلا بالاعتقاد.
  وقد تضمن كان وأخواتها ضمير الشأن والقصة ويسميه الكوفيون ضمير المجهول، لأنه لا يرجعُ على مذكور، ولا بدَّ من جُملةٍ تُفسرهُ إِمَّا فِعلاً وفاعلاً، وإِمَّا مبتدأ وخبرًا. ولا يجوز أن يكون في الجملة ضمير، ومثال ذلك كله: كان زيد قائم، فزيد مبتدأ، وقائم خبره، وهما في موضع نصب خبرًا لكان، واسمها مستتر فيها بمعنى الشأن، ومثله كان يقوم زيد، والتقدير: كان الشأن يقوم زيد، فإذا ثنيت المسألتين قُلت: كان الزيدان قائمان وكان يقوم الزيدان. وضمير الشأن يكون أبدًا في كان وأخواتها مستترا، وفي باب المبتدأ والظن، وإن وأخواتها بارزًا، نحو قوله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}[الإخلاص]، {إِنِّي أَنَا اللَّهُ}[القصص: ٣٠] وتقول: ظَنَنْتَه زيد قائم. ولا يلي كان وأخواتها ما انتصب بغيرها فإن قلت في مثل: كان زيد ضاربًا بكرًا، كان بكرًا زيد ضاربًا لم يجز؛ لأن بكرًا ليس باسم لها ولا خبر. وقد أجاز ابن السراج مثل كان بكرًا ضاربًا زيد، ولم يُعلل تعليلاً معتمدًا عليه، فأمَّا كان زيد بكرًا ضاربًا فإنه يجوز، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٣٢}
(١) البيتان لعقيل بن علقة انظر: شرح ديوان الحماسة، القسم الثالث: ١١٤٥.
(٢) البيت لقيس بن ذريح، انظر: ديوانه ٨٦.
(٣) البيت أيضًا لقيس بن ذريح، انظر: ديوانه: ٨٦.