باب أحكام الأفعال الستة المحمولة على كان
  ومن أحكام كاد وسائر أخواتها أنها قد تتضمن ضمير الشأن والقصة؛ تقول: كاد هند تقوم، أي: كاد الشأن هند تقوم، قال الله تعالى: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ}[التوبة: ١١٧].
  فأما تخصيص بعضهم لكاد أن إيجابها نفي ونفيها وإيجاب، فكلام غير معتمد عليه لأنه مُحاط في اللفظ، مدخول في المعنى وكيف يكون الشيء إيجابًا نفيًا لشيء واحد بل نفيها نفي وإيجابها إيجاب. فإذا قلت كاد يقوم فمعناه قارب القيام. وإذا قلت لم يكد يقم، فمعناه: لم يقارب القيام على الحالة المعتادة فهو في حالة الإيجاب، وإن لم يفعل القيام فقد فعل المقاربة.
  ففعله واجب وهو في حالة النفي، وإن فعل القيام فلم يفعل المعتاد ففعله نفي ولكثرة القول بأن إيجابها نفي ونفيها إيجاب أورد ذلك بعض فقهاء تُهامة في مسائل إلى الفقيه السيد يحيى بن الحسين | وذكر أن أمرها ونفيها وجوب فأجابه الفقيه برد ما أورد بقوله:
  وكاد م شأنُها عَجِيبُ ... لا تغلُطَن أيُّها الأديب
  هي ونفيها فاعلمن نفي ... محض وإيجابها وجوب
  ولكل فعل من هذه الأفعال فعل حال يعمل عمله إلا عسى، فإنها لا تنصرف لشبهها بلعل من حيث كان معناها الترجي، فقد صارت كالحروف، وكانت هذه الأفعال محمولة على كان، ولم يكن من أخواتها لأنها تنقص عنها أشياء منها: أن أخبارها مقصورة على الفعلية، ووجة آخر وهو أنها لا تعمل إلا بلفظ بمعنى المُضي والحال، ولا يعمل منها مُستقبل صريح ولا أمر ولا نهي، لأنها في الأصل تأتي حكاية لحال الفاعل، فيجوز أن تقول: سيكون زيد قائمًا، ولكن قائمًا، ولا تكن قائما، ولا يجوز سيكاد يقوم، ولا تكد تقوم.
  ومن المحمول على باب كان وأخواتها ما ولا النافيتان؛ لأنهما ملاقيتان لليس من جهة المعنى فعملتا، عملها وكان حقهما أن لا تعملا؛ لأنهما تدخلان على الأسماء مرةً، وعلى الأفعال مرة، وكما أن ليس ملاقية لها منعت التصرف، ونفي بها