كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب إن وأخواتها

صفحة 88 - الجزء 1

  فصل: أما ما هي؟ فهي حروف كلها إلا أنَّ المفتوحة؛ فهي اسم ناقص تقدر بالمصدر، ولها محلّ من الإعراب، تكون فاعلة نحو قولك: أعجبني أن زيدًا منطلق، فأعجب فعل، والنون والياء مفعول، وأن فاعل والتقدير: أعجبني انطلاق زيد، وتكون مفعولة نحو: كرهتُ أن زيدًا مُنطلق تقديره كرهتُ انطلاق زيد، وتكون مجرورة في مثل: عجبتُ من أن زيدًا منطلق؛ أي: من انطلاقه.

  فصل: وأما كم هي؟ فستة مع ما حُمِلَ عليها أو شُبّه بها، وهي: إِنَّ، وأنَّ، ولكنَّ، وكأنَّ، وليت، ولعل وكُلُّها مشدّدات إلا ليت والذي حُمِلَ عليها حرفان، وهما: لا، وعسى في أحد وجهيها؛ أمَّا لا فمحمولة على أن؛ لأن لا للنفي، وأن للإيجاب، والعربُ تُحمل النقيض على النقيض كما تقول: إن غُلام السفر أفضل منك، تقول: لا غُلام سفر أفضل منك، ونحنُ نُفرد لها بابًا إن شاء الله تعالى. وأما عسى فمحمولة على لعل؛ لأن معناهما الترجي، والعرب أيضًا تحمل النظير على النظير فكما تقول: لعل زيدًا قائم، تقول: عسى زيدًا قائم، وقد قدمنا لعسى ذكرًا، والذي يشبه بأنَّ حرف واحد وهي: عاد، تقول: عاد زيدًا قائم، قال حسان بن ثابت:

  وعَادَ أَيامَ الصبى مُستقِلَةٌ

  وهي كلمة يمانية.

  فصل: ومعانيها مختلفة كاختلافها فمعنى إنَّ وأنّ: التأكيد، ومعنى لكن: الاستدراك بعد الجحد، ومعنى كأن التشبيه، ومعنى لعل: الترجي، ومعنى ليت: التمني.

  فصل: وأما ما عملها؟ فهي تعمل النصب في الأسماء، والرفع في الأخبار لفظا أو تقديرًا؛ مثل: إن زيدًا، قائم، وأشهدُ أنَّ محمدا رسول الله، وما عندي حق ولكن بكرًا ظالم، وكأن أخاك مُقيم، وليتَ عمرًا قادم، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، وإن عسى قاض.

  فصل: وأما لم عملت؟ فلمشابهتها الأفعال، وأشبهها من أربعة أوجه:

  أحدها: أنَّ الضمير المنصوب يتصل بها كما يتصل بالفعل تقول: إنه وإنما