كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب إن وأخواتها

صفحة 90 - الجزء 1

  الثاني: لا يتقدم مرفوعها على منصوبها لأنها لزمت حدا واحدًا لضعفها.

  الثالث: أن مرفوعها هو منصوبها في المعنى خلافًا للفعل.

  الرابع: أنه يقع موقع مرفوعها الحروف والظروف والجملة.

  فصل: وأمَّا أحكامها فثلاثة أضرب: واجب، وجائز، وممتنع.

  أما الواجب: فإنك إذا عطفت على اسم لكن وكأن وليت ولعل قبل الخبر وجب النصب، تقول: كأنَّ زيدًا وعمرًا، قائمان ولعلَّ محمدًا وعبد الله قادمان، وليت بكرًا وأخاك منطلقان، لا يجوز غير ذلك. لأن هذه الأحرف قد غيرت معنى الابتداء بما أحدثت من معاني الأفعال، فلا مساغ العطف بالرفع على الموضع خلافًا لأنَّ، وإنَّ. وكذلك لو نعت أسماء هذه الأربعة الأحرف أو أكدتها، أو أبدلت منها قبل الخبر أو بعده وجب النصب في جميع ذلك كله، تقول: ليت زيدًا الظريف أخاك نفسه قائم، وليت زيدًا قائم الظريف نفسه أخاك.

  ومن الأحكام الواجبة أن كل موضع صلح فيه الاسم والفعل تكسر فيه إن مثل: إن زيدًا قائم، لأنه يجوز أن تقول: زيد قائم، وقام زيد. فقد صلح في موضعها الاسم، والفعل وقس على ذلك.

  وكل موضع صلح فيه الاسم دون الفعل، أو الفعل دون الاسم، تفتح فيه إن مثل: لولا أنَّ زيدًا منطلق لكلمته، فهذا موضع يصلح فيه الاسم دون الفعل. لأنك تقول: لولا زيد منطلق لكلمتك، وتقول: لو أنَّ زيدًا قائم لكلمته، فهذا موضع يصلح فيه الفعل دون الاسم لأنك تقول: لو قام زيد لكلمته لأن لو من خواص الأفعال فلم يسمع في كلام العرب منطوقا بها مع الاسم إلا أن يكون موضعا يتقدر فيه الفعل مثل قولهم: لو ذات سوار لطمتني. أراد لطمتني ذات سوار، وقال ابن الدمنية: (طويل)

  متني بطرف لو كميَّا رمَتْ به ... لبل نجيعًا سَحْرُهُ وبنائقُه⁣(⁣١)


(١) البيت لابن الدمينة، انظر: ديوانه تحقيق أحمد راتب النفاخ ٤٤، والشعر والشعراء: ٧٣٢.