باب إن وأخواتها
  أراد لو رمت كميا رمته فحدث الفعل الأول لدلالة الثاني عليه، ومنه قول الله ø: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي}[الإسراء: ١٠٠].
  ولولا من خواص الأسماء فلو قُلت: لولا حضر زيد لكلمتك، كان التقدير: لولا أن حضر، وحذف الموصول لدلالة الصلة عليه، قال الله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ}[الصافات: ١٦٤] أي: من له مقام معلوم، وكذلك لو وقعت إن فاعلة أو مفعولة أو مجرورة لحلت محل الاسم فوجب فتحها. فأما قولهم: إن تكسر في أربعة مواضع: في ابتداء الكلام، وإذا كان في خبرها اللام، وإذا كانت بعد القول، أو جوابًا للقسم. وتُفتح في أربعة: بعد لو، ولولا، وحرف الجر، والفعل إذا لم يكن في خبرها اللام، فإنَّ ذلك داخل تحت ما قدمت لك من الفرق بينهما.
  فصل: وأما الجائز؛ فإنك متى نَعتَّ اسم إنَّ أو أبدلت منه، أو أكدته، أو عطفت عليه بعد الخبر، أو قبله جاز لك أبدًا وجهان: النصب على اللفظ، والرفع على الموضع، إلا أنك إذا عطفتَ فمثل الخبر بالنصب ثنيت الخبر، وإذا رفعت أفردته، ومثال الجميع: إن زيدًا الظريف والظريف قائم، وإن زيدًا أخاك وأخوك منطلق، وإنَّ تميمًا أجمعونَ وأجمعين خارجون، وإن زيدًا وعمرًا قائمان، وإن زيدًا وعمرو قائم. وإنما قلت هاهنا قائم ولم تقُل قائمان؛ لأنَّ زيدًا: منصوب بأن وعمرو: معطوف على المبتدأ، وكل واحد منهما يطلب الخبر فلا يعمل فيه عاملا الابتداء وإنَّ، فرفعت قائمًا خبرًا لزيد وحذفت خبر عمرو والتقدير إن زيدًا قائم وعمر قائم. قال الشاعر: (طويل)
  فمن يك أمسى في المدينة رحلة ... فإني وقيَّارٌ بها لغريب(١)
  فإن اتبعت بعد لخبر جاز الرفع والنصب أيضًا فتقول: إن زيدًا قائم الظريف والظريف، وإنَّ زيدًا قائمًا أخاك وأخوك ونفسه ونفسه، وإِنَّ زيدًا قائم وعمرًا وعمرو، والنصب في جميع ذلك على لفظ اسم إنَّ، والرفع على موضعها لأنها لم
(١) البيت لضابئ بن الحارث البرجمي انظر: الشعر والشعراء: ١/ ٣٥١.