باب إن وأخواتها
  تعبر معنى الابتداء بل زادته تأكيدًا. إلا أنك متى عطفت بالرفع بعد الخبر كان من ثلاثة أوجه: على موضع اسم إن وعلى المُضمر في خبرها. فإذا قلت: إنَّ زيدًا قائم وعمرو كان التقدير هو وعمرو. وعلى الابتداء، والخبر محذوف تقديره إنَّ زيدًا قائم وعمرو قائم، وتكون عاطفًا جملة على جملة، فهذا كله في إن بلا خلاف، وفي أن بخلاف وقد أجاز بعضهم ذلك في لكن وهو ضعيف. فإن عطفت على ليت ولعل وكأن بعد الخبر جاز وجهان: النصب على اللفظ، مثل: كأن زيدًا قائم وعمرا. والرفع من وجهين على المضمر في الخبر، وعلى أنه مبتدأ والخبر محذوف، ومن الجائز في هذا الباب أن الخبر إذا كان ظرفًا جاز تقدمه على الاسم لاتساع العرب في الحروف والظروف، قال الله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ١٢}[المزمل]، و {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ}[المائدة: ٢٢].
  ومتى جئت بلام الابتداء مع إن المكسورة جاز دخولها في أربعة مواضع: في الخبر متأخرًا مثل: إِنَّ زيدًا القائم في الدار لزيدًا، وفي الفضلة متوسطة مثل: إِنَّ زيدًا لفتى الدار قائم. وفي الفضلة متوسطة، وفي الخبر جميعا مثل: إنَّ زيدًا لفي الدار لقائم، فإن خففت المشددة من هذه الأحرف كُنت مخيرًا إن شئت أعملتها وإن شئت ألغيتها، فتقول: إن زيدًا لقائم وإن زيد لقائم، قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}[الطارق]، و {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ}[هود: ١١١]، وكذلك الباقي ويروى بيت الأعشى رفعًا ونصبًا وهو قوله: (بسيط)
  في فتية كسيوف الهندِ قد علموا ... أن هالك كُلُّ من يحفى وينتعل(١)
  ويروى هالكا وكذلك لو اتصلت بها ما كنت أيضًا مخيرًا في الإلغاء والإعمال مثل: إنَّما الله إله واحد، وإنما الله إله واحد والأجود أن تُلغى أنّ، وإنَّ ولكن، وتعمل ليت ولعل وكأن لقوة دلالتها على الفعل، وتغير معنى الابتداء،
(١) انظر: ديوان الأعشى: ٥٩.