الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 136 - الجزء 1

  الطبقة الأولى؛ فإنه عذرهم عن نصرته ولم يقاتلوه، ولا صدر منهم ما يؤذي المسلمين؛ وهذا يَحْتَمِلُ أنه لم يُؤْمَرُ بقتال الطوائف الثلاث: مَنْ نَكَثَ، ومَنْ لم يُبَايِعْ، ومَنْ مَرَقَ إلا إذا قاتلوه وخرجوا عن طاعته، وآذَوُا المسلمين: كما وقع من أهل الجمل، وصفين، والنهروان - فلا يَتِمُّ الوَجْهُ الأَوَّلُ، وهو اختصاصه # بقتال مَنْ نَكَثَ، أَوِ امْتَنَعَ، أَوْ سَبَّ إِنْ لم يُقَاتِل ومنها: صِدْقُ يقينه #، وثُبُوتُ قَدَمٍ تَصْدِيقِهِ بأخبار سيد الأنام؛ فإنه أخبره أربعة من أصحابه أنَّ القومَ عَبرُوا النهر، وهو يَرُدُّ عليه بأنهم ما قطعوه، وحين أكثروا قال: ولا يَقْطَعُونَهُ؛ إنه عَهْد من الله ورسوله؛ وكان كما قال، ولم يَغْتَرَ بالمُخْبِرِينَ الذين يُخْبِرُونَهُ عن خلاف ما عنده.

  إنْ قُلْتَ: تكذيبه لهم مُشكل؛ إذ من الجائز صِدْقُهُمْ، ولا ينافي عَهْدَ اللهِ ورسوله بأن يعبروه ثم يعودون فَيُقْتَلُونَ دونه، وحاصله أن الإخْبَارَ بقطع النهر لا ينافي عَهْدَ اللهِ ورسوله ÷ - قُلْتُ: هو # أَعْلَمُ بما عَلَّمَهُ الله ورسوله، فكأنه عَيَّنَ له ساعةَ الوقعة ويَوْمَهَا، وأنهم لا يَعْبُرُونَ النهر أَصْلًا.

  فهذه قَطْرَةٌ مِنْ نُكَتِ ما تَضَمَّنَهُ الرِّيَاقُ، وقد عَدَّ الفقيه العلامة حميد | عدة فَوَائِدَ حديثية للخبر الذي رواه ونقلناه عنه - ولم يتعرض لشيء مما أثبتناه؛ لأنه ما أتى بشيء من الأخبار التي سُقْنَاهَا؛ فرأيناه وَسَّعَ في فوائد ما رواه وأطاب، إلا أنه استطرد شيئًا من حال المطرفية⁣(⁣١) وغير ذلك؛ فَرَأَيْنَا أَنَّ فِي نَقْلِ فَوَائِدِ حَدِيْثِهِ إمْلَالًا للناظر في هذه الكلمات الحقيرة، مع أن بعض ما ذكره سيأتي في حديث المنزلة والأُخُوَّة وغيرهما إن شاء الله تعالى. قوله:

  ٢٦ - وقَضَايَا فَتَكِهِ لَوْ رُمْتُهَا ... رُمْتُ مَا يُعْجِزُنِي مَا دُمْتُ حَيًّا

  ٢٧ - وَهْيَ فِي شُهْرَتِها شَمْسُ الضُّحَى ... هَل تُرَى يُجْهَلُ لِلشَّمْسِ عُيَّا؟


(١) الْمُطَرَّفِيَّةُ: هم أصْحَابُ مُطَرَّف بن شهاب فارقوا الزيدية بمقالات في أصول الدين، مثل قولهم: إن كثيرا من أفعال الله ليس بحكمة ولا صواب ونحوها. كفّرهم كثير من الزيدية بها. وقد انقرضت هذه الفرقة أيام الإمام المنصور عبدالله بن حمزة # عام ٦١١ هـ ينظر ١/ ١٣٨ من الأساس الكبير للسيد أحمد الشرفي.