وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  الطبقة الأولى؛ فإنه عذرهم عن نصرته ولم يقاتلوه، ولا صدر منهم ما يؤذي المسلمين؛ وهذا يَحْتَمِلُ أنه لم يُؤْمَرُ بقتال الطوائف الثلاث: مَنْ نَكَثَ، ومَنْ لم يُبَايِعْ، ومَنْ مَرَقَ إلا إذا قاتلوه وخرجوا عن طاعته، وآذَوُا المسلمين: كما وقع من أهل الجمل، وصفين، والنهروان - فلا يَتِمُّ الوَجْهُ الأَوَّلُ، وهو اختصاصه # بقتال مَنْ نَكَثَ، أَوِ امْتَنَعَ، أَوْ سَبَّ إِنْ لم يُقَاتِل ومنها: صِدْقُ يقينه #، وثُبُوتُ قَدَمٍ تَصْدِيقِهِ بأخبار سيد الأنام؛ فإنه أخبره أربعة من أصحابه أنَّ القومَ عَبرُوا النهر، وهو يَرُدُّ عليه بأنهم ما قطعوه، وحين أكثروا قال: ولا يَقْطَعُونَهُ؛ إنه عَهْد من الله ورسوله؛ وكان كما قال، ولم يَغْتَرَ بالمُخْبِرِينَ الذين يُخْبِرُونَهُ عن خلاف ما عنده.
  إنْ قُلْتَ: تكذيبه لهم مُشكل؛ إذ من الجائز صِدْقُهُمْ، ولا ينافي عَهْدَ اللهِ ورسوله بأن يعبروه ثم يعودون فَيُقْتَلُونَ دونه، وحاصله أن الإخْبَارَ بقطع النهر لا ينافي عَهْدَ اللهِ ورسوله ÷ - قُلْتُ: هو # أَعْلَمُ بما عَلَّمَهُ الله ورسوله، فكأنه عَيَّنَ له ساعةَ الوقعة ويَوْمَهَا، وأنهم لا يَعْبُرُونَ النهر أَصْلًا.
  فهذه قَطْرَةٌ مِنْ نُكَتِ ما تَضَمَّنَهُ الرِّيَاقُ، وقد عَدَّ الفقيه العلامة حميد | عدة فَوَائِدَ حديثية للخبر الذي رواه ونقلناه عنه - ولم يتعرض لشيء مما أثبتناه؛ لأنه ما أتى بشيء من الأخبار التي سُقْنَاهَا؛ فرأيناه وَسَّعَ في فوائد ما رواه وأطاب، إلا أنه استطرد شيئًا من حال المطرفية(١) وغير ذلك؛ فَرَأَيْنَا أَنَّ فِي نَقْلِ فَوَائِدِ حَدِيْثِهِ إمْلَالًا للناظر في هذه الكلمات الحقيرة، مع أن بعض ما ذكره سيأتي في حديث المنزلة والأُخُوَّة وغيرهما إن شاء الله تعالى. قوله:
  ٢٦ - وقَضَايَا فَتَكِهِ لَوْ رُمْتُهَا ... رُمْتُ مَا يُعْجِزُنِي مَا دُمْتُ حَيًّا
  ٢٧ - وَهْيَ فِي شُهْرَتِها شَمْسُ الضُّحَى ... هَل تُرَى يُجْهَلُ لِلشَّمْسِ عُيَّا؟
(١) الْمُطَرَّفِيَّةُ: هم أصْحَابُ مُطَرَّف بن شهاب فارقوا الزيدية بمقالات في أصول الدين، مثل قولهم: إن كثيرا من أفعال الله ليس بحكمة ولا صواب ونحوها. كفّرهم كثير من الزيدية بها. وقد انقرضت هذه الفرقة أيام الإمام المنصور عبدالله بن حمزة # عام ٦١١ هـ ينظر ١/ ١٣٨ من الأساس الكبير للسيد أحمد الشرفي.