وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  في القاموس [١٢٢٦] الفَتْكُ مُثَلَّثَةٌ: رُكُوبُ مَا هَم من الأمور، ودعت إليه النفس كالفُتُوكِ، والافْتِتَاكِ: فَتَكَ يَفْتِكُ ويَفْتُكَ فهو فَاتِكُ: جريء شجاع.
  وقوله: رُمْتُهَا: أَي رُمْتُ حَصْرَهَا حَذَفَ المضافَ لدلالة السياق عليه، وما الأولى موصولة، والثانية مُدْيَةٌ: أي رُمْتُ الذي يُعْجِزُنِي مُدَّةَ حياتي. وشَبَّهَهَا في شهرتها بالشمس في وقت سلطانها وهو وقت الضحى، ثم رَشَّحَ التشبيه بالاستفهام الإنكاري في قوله: هل ترى ... إلى آخره أي إذا كانت شمسا فلا يُنكر الشمس أحد، وترشيح التشبيه كثير؛ وهو ملاحظةُ المُشَبَّه به والإتيان بما يناسبه حتى كَأَنَّ المُشَبَّهَ عَيْنُ المُشَبَّهِ بِهِ ومِنْ ذلك قَولُ بَعْضِ ملوكِ العربِ(١) وقد ارْتَاعَتْ جارية كانت تسقيه الراحَ لبرقٍ وَمَضَ حينئذ:
  رَوْعَهَا البَرْقُ وفي كَفَّهَا ... بَرْقٌ مِنَ القَهْوَةِ لَمَّاعُ
  عجبت منها وهي شَمْسُ الضُّحَى ... كَيْفَ مِنْ الأَنْوَار تَرْتَاعُ!؟
  ومن ذلك:
  قَامَتْ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ ... نَفْسُ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي
  قامَتْ تُظللني ومِنْ عَجَبٍ ... شَمْسُ تُظَلَّلْنِ مِنَ الشَّمْسِ(٢)
  فإنَّ التعجب في البيتين مبني على المعنى الحقيقي للشمس، وادَّعَاءِ أَنَّ المُشَبَّهَ عَيْنُ المُشَبَّهِ به حقيقةً، ومثله الاستفهام في البيت؛ فإنه مبني على أن القضايا صارت شمسًا على الحقيقة: سواء قلنا: إنه تشبيه بليغ كما يقوله الجمهور، أو استعارة على ما اختاره المحقق السعد في شرحيه(٣). والبيتان إشارة إلى العَجْزِ عن حصر قضايا أمير المؤمنين في فَتْكِهِ في الأعداء، وحضر قضايا شجاعته التي اتفق عليها الأعداء والأولياء، وأنها شَمْسُ لا تُجْهَلُ كما قال محب الدين
(١) هو المعتمد بن عباد ملك أشبيلية الأندلس، ت: ٤٨٨ هـ سير أعلام النبلاء ١٩/ ٥٨، ومعاهد التنصيص.
(٢) البيت لأبي الفضل محمد بن العميد المتوفى سنة ٣٦٠ هـ مختصر السعد ص ٣٣٥.
(٣) مختصر السعد (الشرح الصغير) ص ٣٣٥، والمقصود بشرحيه أي الشرح الكبير، وقد أتمه سنة ٧٤٨ هـ، والثاني سنة ٧٥٦ هـ. ينظر مقدمة مختصر السعد ص ٦.