الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 140 - الجزء 1

  صِفِّينَ، وعلى رأسه عِمَامَةٌ بيضاء قد أرخى طَرَفَيْهَا، كأن عينيه سِرَاجًا سَلِيطٍ، وهو يَقِفُ على شِرْذِمَةٍ شِرْذِمَةٍ يَحُضُهُمْ حتى انتهى إليَّ وأنا في كثف [جماعة] من الناس، فقال: معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وغُضُّوا الأصوات، وتجليبوا السكينة، وأَعْمِلُوا الأَسِنَّةَ، أقلقوا السُّيوف⁣(⁣١) في الأَغمادِ قَبْلَ السَّلَّةِ، وأَبْلِغُوا الوَخْزَ⁣(⁣٢)، ونافحوا الظُّبَا⁣(⁣٣)، وصلوا السُّيوفَ بِالْخُطَا⁣(⁣٤)، والنَّبَالَ بِالرِّمَاحِ؛ فإنكم بِعَيْنِ اللهِ تعالى، ومَعَ ابْنِ عَم نبيه ÷، وعَاوِدُوا الكَرَّ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ؛ فإِنه عَارُ باق في الأعقاب والأعناق، ونَارُ يومَ الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفسًا، وامْشُوا إلى الموت سُجَّحًا⁣(⁣٥)، وعليكم بهذا السواد الأعظم، والرِّوَاقِ المُطَنَّبِ⁣(⁣٦)، فاضربوا ثبجه⁣(⁣٧)؛ فإنَّ الشيطان [معاوية] راكبٌ ضَبْعَيْهِ⁣(⁣٨)، ومُفْتَرشُ ذراعيه، قد قَدَّمَ للوثبة يَدا، وأَخَرَ للنكوص رجلًا، فَصَمْدًا صَمْدًا حتى يَنْجَلِي لكم عَمُودُ الدِّينِ، {وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٥}⁣[محمد: ٣٥]. أخرجه ابن عساكر⁣(⁣٩).

  وعن جابر بن عمير الأنصاري⁣(⁣١٠) في خبر طويل في صفة يوم الهرير، وفيه أَنَّ عَليًّا # قال: لا إله إلا الله والله أكبر كلمة التقوى، قال: فلا والله الذي بعث مُحَمَّدًا بالحق نبيا ما سمعنا برئيس قَوْم منذ خلق الله السموات والأرض أصابَ بيده في يوم


(١) في الأصل: وأجيلوا السيوف، وما أثبتناه من تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦٢ والنهج، وقد فسرها في تاريخ دمشق: يريد سهلوا سلها قبل أن تحتاجوا إلى ذلك؛ لئلا يتعسر عليكم عند الحاجة.

(٢) الوخز الطعن بالرمح ونحوه، ولا يكون نافذا، مختار الصحاح ص ٧١٣.

(٣) أي قاتلوا بالسيوف، وأصله أن يقرب أحد المتقاتلين من الآخر، بحيث يصل نَفْحُ كُلّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وهي ريحه وَنَفَسُهُ. النهاية ٥/ ٨٩.

(٤) صلوا السيوف بالخطا إذا قصرت سيوفكم عن الوصول إلى أعدائكم فصلوها بخطاكم.

(٥) مشية سُجُحًا: أي سهلة منه قول عائشة لعلي: مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ: أي سَهل. تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦٢.

(٦) الرواق المطنب: يعني رواق البيت المشدود بالأطناب، وهي حبال تشد به. تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦٢.

(٧) الثبج: بفتحين ما بين الكاهل والظهر.

(٨) الضبع: العضد كلها وأوسطها بلحمها، أو الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. قاموس ص ٩٥٦.

(٩) تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦٠، ٤٦١، ونهج البلاغة ص ١٨٧ خطبة رقم ٦٤، ومروج الذهب ٢/ ٣٨٠.

(١٠) في الأصول نمير، والصواب ما أثبت من وقعة صفين جابر بن عمير، له صحبة، عداده في أهل المدينة، روى له النسائي حديثًا واحدًا. تهذيب الكمال ٤/ ٤٥٧، وأسد الغابة ١/ ٤٩٥.