وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  واحد ما أصاب؛ إنه قتل - فيما ذكر العادُّونَ - زيادةً على خمسمائة [وقعة صفين ٤٧٧].
  ومن فضائل شجاعته #: أنه استدل أبو عبد الله البصري(١) على أفضليته بالنص حين قيل له: أتجد في النصوص ما يدل على تفضيل علي #، بمعنى كثرة الثواب لا بمعنى كثرة مناقبه فإن ذلك أمر مفروغ منه؟ فذكر حديث الطائر(٢) وأن المحبة من الله سبحانه وتعالى إرادة الثواب، فقيل له: قد سبقك الشيخ أبو علي(٣) | إلى هذا فهل تجد غير ذلك؟ قال: نعم، قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ ٤}[الصف: ٤]؛ فإذا كان أصل المحبة لمن ثبت كثبوت البنيان المرصوص؛ فكل من زاد ثباته زادت محبته له؛ ومعلوم أَنَّ عَلِيًّا # ما فَرَّ في زَحْفِ قَطُّ، وَفَرَّ غَيْرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ(٤)، قوله:
  ٢٨ - وَكَذَا مَا خَصَّهُ اللهُ بِهِ ... مِنْ خِصَالٍ حَصْرُهَا لَا يَتَهَيَّا(٥)
  شروع في بعض المزايا التي خصه الله ورسول الله ÷ بها بعد ذكر ما اختص به من الفضيلة العظمى وهي الجهاد و {ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ٢١}[الحديد: ٢١]، ولا سبيل إلى استيفاء ما ورد من فضائله ومزاياه؛ فإنها قد ملأت الأسفار، وطارت في كل قطر من الأقطار، وإنما نأتي بما عرفناه
(١) الحسين بن علي بن إبراهيم الملقب (بالجعَلِ) سكن بغداد من شيوخ المعتزلة، رفيع القدر، مقدم في علم الفقه والكلام، كان يميل إلى علي #، وتوفي سنة ٣٦٧ هـ، ومن مؤلفاته: الإيمان والإقرار، والرد على ابن الراوندي، والتفضيل. ينظر طبقات المعتزلة ص ١٠٧، وفضيلة الاعتزال ص ٣٧٢، و الأعلام ٢/ ٢٤٤، والمنتظم ١٤/ ٢٧٢، وتاريخ بغداد ٨/ ٧٣.
(٢) سيأتي تخريجه عند قوله وغداة الطير من شاركه ... .
(٣) محمد بن عبدالوهاب الجبائي نسبة إلى جُبَّى، ولد سنة ٢٣٥ هـ من متكلمي المعتزلة وإليه تنسب الطائفة الجبائية، له عناية في الرد على الفلاسفة والملاحدة، وتقرير العدل والتوحيد، ت: ٣٠٣ هـ، وله تفسير القرآن مائة جزء، وشرح على مسند ابن أبي شيبة، وجملة مصنفاته مائة وخمسون ألف ورقة. ينظر: فضيلة الاعتزال وطبقات المعتزلة ٢٦٨، وطبقات المعتزلة ٨٠، والأعلام ٦/ ٢٥٦، وتوضيح المشتبه ٢/ ١٤٠.
(٤) كلام أبي عبدالله في شرح نهج البلاغة ١/ ٥٨٤.
(٥) في هامش بعض النسخ ما لفظه: سُئِلَ بعضُ العلماء - ولعله الخليل بن أحمد عن علي # فقال: ما أقول في رجل كتم فضائِلَهُ أولياؤه خوفًا، وكتمها أعداؤه بغضًا؛ فظهر ما بين الكتمين ما ملأ الخافقين.