الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 146 - الجزء 1

  قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعًا، وقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه؛ فأخذ برقبتي ثم قال: هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم؛ فاسمعوا له وأطيعوا»⁣(⁣١)، وسيأتي الحديث بزيادة.

  قال المحب الطبري [الذخائر ٧٠] بعد أن ذكر الحديث الأوّل: والوصية محمولة على ما رواه أنس من قوله: «ووَصِيَّيَّ، ووَارِثِيَّ يَقْضِي دَيْنِي، ويُنْجِزُ مَوْعِدِي على بن أبي طالب⁣(⁣٢)»، أو على ما أخرجه ابن السراج من قوله ÷: يا عَلِيُّ أُوصِيكَ بِالْعَرَب خَيْرًا»⁣(⁣٣)، أو على ما رواه الحسين بن علي عن أبيه عن جده قال: أَوْصَى رسولُ اللهِ ÷ عَليَّا أَنْ يَغْسِلَهُ، فقال: يا رسولَ اللهِ أَخْشَى أَنْ لَا أُطِيق! قال: إِنَّكَ سَتَعَانُ عَلَيْهِ» الحديث انتهى⁣(⁣٤).

  قُلتُ: وكأنَّ الحامِل لِلْمُحِبِّ ¦ على هذا الحمل حَدِيثُ عائشة: «مَتَى أَوْصَى رسول الله ÷؟ فقد مات بين سَحْرِي ونَخري»⁣(⁣٥)، فأقول: حديث عائشة لا يُنَافِي الوِصَايَةَ، غَايَتُهُ نَفْي عِلْمِهَا؛ لَمَّا لَمْ تَنْتَهِ إِلَيْهَا، وَلَمْ تَنْتَفِ الوصيةُ وقد عَلِمَ غَيْرُهَا، أَوْ نَفْيُّ للوصيةِ حَالَ الْمَوْتِ، ولا يلزم مِنْ نَفْيِهَا ذلك الْوَقْتَ الخاص عَدَمُهَا؛ وهذه الأحاديث التي سَلَفَتْ أَخْبَرَ فيها الرسول ÷ بأنه


(١) تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦، ومجمع الزوائد ٨/ ٣٠٢ و ٩/ ١١٣، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٢/ ٤١ - ٤٢، وكفاية الطالب للكنجي ٢٠٤، وتفسير الثعلبي ٧/ ١٨٢، والمناقب للكوفي ١/ ٣٦٠ - ٣٨٠ بعدة طرق، وأحمد في فضائل الصحابة ٢/ ٨٤٩ رقم ١١٦٨، والعلامة الحبري في تفسير قوله تعالى: {وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤} ص ٣٤٨، وشواهد التنزيل ١/ ٤٢٠ و ٤٢٤، ومسند أحمد ١/ ٢٣٦ برقم ٨٨٣، والبيهقي في الدلائل ٢/ ١٨٠، وطبقات ابن سعد ١/ ١٨٧ بألفاظ مقاربة، وابن كثير في سيرته ١/ ٤٥٨ و ١/ ٤٥٩ بلفظ: أخي كذا وكذا، وتاريخ الطبري ٢/ ٣٢٠، ٣٢١، وتفسير القرطبي مج ١١/ ج ١٩/ ١٤٩، وتفسير الخازن ٦/ ٥٠٧، ومجمع البيان للطبرسي ٧/ ٣٥٦، ٣٥٧، والشافي ١/ ٥٦.

(٢) أخرجه أحمد في الفضائل عن أنس ٢/ ٧٦٢ برقم ١٠٥٢.

(٣) الذخائر ٧٠، والطبراني في الكبير ٤/ ٨ برقم ٣٤٨١.

(٤) الذخائر ٧١، وتاريخ دمشق ١٣/ ١٢٩، والجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ١٧ برقم ٦٧١٨.

(٥) البخاري ٤/ ١٦١٩ برقم ٤١٩٠.