الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 147 - الجزء 1

  وَصِيُّهُ؛ ولا يُخْبرُ إلا بما يكون؛ فَنُؤْمِنُ بأنه # وَصِيَّهُ، ولا يَلْزَمُنَا تفاصيل المُوْصَى بِهِ؛ فقد ثَبَتَ أنه أمره بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين⁣(⁣١)، وعَيَّنَ علاماتهم له، وأودعه من العلوم جُمَلاً جَمَةَ كما يأتي، وقد مضى في شرح قوله: وسل النَّاكِث ... إلخ، وفيه فَوَائِدُ جَمَّةٌ: فيحتمل أن هذا من أفراد الوصاية ويحتمل أنها غيره؛ وبالجملة لا مُوجِبَ للحمل لها على شيء بعينه. إنْ قُلْتَ: إن كانت الوصاية إخباره بما لم يخبر به غيره من الملاحم ونحوها، فقد شاركه في ذلك حذيفة ¥ له فإنه خَصَّهُ رسول الله ÷ بمعرفة المنافقين، واختصه بِعِلْمِ الفِتَنِ، وإن حُمِلَتْ على الوصاية بالعرب كما قاله المحب، فقد أوصى ÷ المهاجرين بالأنصار⁣(⁣٢)، وأوصى أصحابه بأصحابه فلا اختصاص⁣(⁣٣) - قُلتُ: لم نَحْمِل الوصية على مُعَيَّن من الأمور بل نُصَدِّقُ الرسول ÷ بأنه وَصِيَّه؛ ولا يلزم تفاصيل ما أوصى به؛ إِنَّمَا قلنا: يَحْتَمِلُ أن تلك مِنْ أفرادِ ما أوصى ÷ به. إن قُلْتَ: قد قال ÷ لعمر لَمَّا وَدَّعَهُ في سفره للعمرة إلى مكة: «لا تَنْسَنَا يا أخِي مِنْ دُعَائِك»⁣(⁣٤)، وقال لزيد بن حارثة مولاه: «أَنْتَ أَخُونَا» [مسند أحد ١/ ٢٤٥]، وتكرر هذا في إطلاقه على غير على فأينَ الفضيلة؟ قُلْتُ: لا شَكَ أَنَّ النَّصَّ القُرْآني قد أخبر بِأَنَّ المؤمنين إخوة، وهذه أخوة ثابتة بين كل من اتصف بالإيمان؛ ولا كلام فيها وفي ثبوتها، ولكن هذه الأخوة التي عقدها ÷ بين أصحابه: كَجَعل أبي بكر أخا لعمر، وجَعَلِ سلمان أخا لأبي الدرداء، وجَعَلِ طلحة أخا للزبير⁣(⁣٥)، واتِّخَاذِهِ ÷ لعلي # أَخَا أَخَوَّةٌ خَاصَّةٌ اختصاصا آخر نِسْبَتُهَا إلى أُخُوَّةِ الإيمانِ العامة: كنسبةِ أُخْوَّةِ الْأَخَوَينِ لأَبَوَيْنِ الخاصةِ إلى أُخُوَّتِهِمَا العَامَّةِ في كونهما من نسل واحد، وأصل مجرد من آدم أو


(١) مناقب أمير المؤمنين للكوفي، ٢/ ٣٣٢، ٣٣٨، ٣٣٩، ٣٤١، ٥٤٤، ٥٥٢.

(٢) ينظر فتح الباري لابن حجر ٧/ ١٥١ برقم ٣٧٩٩.

(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل ١/ ٦٥ برقم ١٣.

(٤) ابن ماجة ٢/ ٩٦٦ رقم ٢٨٩٤، وأبو يعلى ٩/ ٤٠٥ رقم ٥٥٠.

(٥) ينظر المستدرك ٣/ ١٤، وسيرة ابن هشام ٢/ ١٢٠.