وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  وسُكَّانَ الْهَواءِ، وأنه ضُمَّ في المباهاة مع رسول الله ÷، ومنها: أنه بمنزلة هارون من موسى وسيأتي الكلام عليه ومنها: أنه وَرِثَ الكتاب والسنة منه ÷(١)؛ ومن هنا كان بَابَ مدينةِ عِلْمِه ÷. ومنها: أنه معه في قصره [في الجنة]، ويالله هذا الشَّرَفُ الذي تخضع له رقاب كل شرف! والله انكسار نَفْسِهِ # من فوات الأخوة مع أحد من الناس في ابتداء بكائه، وفَوْزُه بهذه الخلال العجيبة! بينا هو يستنكر أنه لم يواخ بينه وبين أحد من عباد الله، ويبكي على فوات ذلك أُعِيضَ بإعطاء أُخوة أشرف خلق الله، وأُعْطِيَ مع ذلك: المنزلة، والميراث، والنزول في قصر أشرف خلق الله في دار منتهى النبيين والصديقين، والمُرَافَقَة له، والسكون مع سيدة نساء أهل الجنة؛ فطوبى لها من هباتٍ سَنيَّة، واختصاصات إلَهِيَّةِ، يَقْصُرُ الإطناب عن حقيقة صفتها، ولا تبلغ الأفهام نُكَتَهَا(٢)، وتَنْزِفُ الأقلام عن بيان المعاني والأسرار التي تحتها.
  ومنها: أنه وصيه وقاضي دَيْنِهِ، وضبطه بعضهم بكسر الدال؛ فيكون المراد به يقضي عنه ÷ الأحكام الدينية ويُمْضِيهَا وَيُبَيِّنُهَا وَتَتَفَجَّرُ عَنْهُ عُلُومُهَا.
  ومنها: أنه يُنجز موعده، وهي كلمة يدخل تحتها أنواع من المعارف: فإن أريد ما وعده به ÷ مما يكون بعده من الأمور الحادثة مثل: خروج الموارق، وقتال أهل النكث والقاسطين، وأنه ÷ وعد بوقوعها فأنجزها وصيه # بأن كانت على يديه، وظهرت علامات صدقه ÷ فيما أخبر به بواسطته # وغيرها من الواقعات التي لا يأتي عليها العد، وأنه يقاتل على السنة وغير ذلك، وإن أريد أنه ينجز ما وعد الله به رسوله ÷ من إعلاء كلمة الإيمان، وظهور دينه على الدين كله، وأنه # ينجز وعد الله: أي يكون إنجاز الوعد على يديه لما سلف أن الله تعالى أَيَّدَهُ ÷
(١) أخرج المحب الطبري في الذخائر ص ٨٩ عن زيد بن أرقم، قال ÷: قال لعلي #: لعلي: «أنت معي في قصْرِي في الجنة مع فاطمة ابنتي» ثم تلا: {إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ ٤٧}، وفضائل الصحابة لأحمد ٢/ ٧٣٩ برقم ١٠١٨ بلفظ: فينا والله نزلت: {وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ ٤٧}، رواه ابن المغازلي برقم ٢٩٥، و ينابيع المودة ١/ ٦٠.
(٢) النكت هي الدقائق واللطائف.