الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 152 - الجزء 1

  في أهلي، ويَقْضِي دَيْنِي؟ فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا؟ كُل ذلك يسكت القوم، ويقول عَلى: أنا؛ فقال ÷: «أَنْتَ»؛ فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطعِ ابْنَكَ فقد أمر عليك»⁣(⁣١)!

  وفي الجامع الكبير⁣(⁣٢) في تفسيرها في مسند علي # حديث طويل وفي آخره أنه ÷ قال: «فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي على أَمْرِي هذا»؟ فَقُلْتُ - وأَنا أَحْدَثُهُمْ سِنَّا، وأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا⁣(⁣٣)، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنا، وأَحْمشُهُمْ (أدَقُهُمْ) سَاقًا: أنا يا نَبِيَّ اللهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عليه؛ فأَخَذَ بِرَقَبَتِي وقال: «هَذَا أَخِي، ووَصِيِّي، وخَلِيفَتِي فيكم؛ فاسْمَعُوا له وأَطِيعُوا»؛ فقام القوم يضحكون؛ ويقولون لأبي طالب: قد أَمَرَك أَن تَسْمَعَ وَتُطِيعَ لِعَلِيٍّ.

  قال الحافظ السيوطي: أخرجه ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي معًا في الدلائل وسكت عليه؛ فهذه الأحاديث دَلَّتْ على أنه # أخو رسول الله ÷، لمواخاته له قبل الهجرة، بل أَوَّلَ النُّبُوَّةِ قبل موت أبي طالب؛ فالمواخَاةُ بعده في المدينة مُؤَكَّدَةٌ لهذه المؤاخاة الأصلية السابقة، وقد جاء في بعض الروايات لَمَّا قال علي # له ÷: لِمَ تَرَكْتَنِي وواخَيتَ بين أصحابك؟ [فأجابه]: أَلَسْتَ أَخِي؟ استفهام استنكار بأنه قد ثبت لك ذلك من قبل مواخاتي بين أصحابي! ولا يقال: ما كان لأمير المؤمنين أَنْ يَسْتَنْكِرَ تَرْكَهُ؛ لأنه لم يَتْرُكْهُ بل قد سَبَقَتْ مُوَاخَاتُهُ؛ لأنا نقول: لَمَّا كانت هذه المواخاة بين الصحابة في المدينة والأمر بالقتال للكفار - جَوَّزَ أمير المؤمنين # أنه قد أحدث الله ورسوله ÷ أَمْرًا يقضي بالمواخاة بين الصحابة خَاصَّةً؛ فلذلك قال ما قال وذِكْرُ الأخُوَّةِ قد تكرر في الأحاديث تَكرُّرًا كثيرًا؛ ولهذا قال الإمام المنصور بالله # في ذلك:


(١) تفسير الثعلبي ١/ ١٨٢، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ١/ ٥٤٣.

(٢) ١٦/ ٢٥٠ رقم ٧٨٤٣، وتاريخ الطبري ٢/ ٣٢١، وتفسير ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٢٦، والدر المنثور ٥/ ١٨١، ١٨٢.

(٣) الرمصُ: بزنة جَبَلٍ ما تقذفه العين فيجتمع في زوايا الأجفان مادام رطبا، فإذا يبس فهو الغَمَصُ كما في النهاية ٢/ ٢٦٣، ولسان العرب ٧/ ٤٣.