فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]
  ومن أدلة ما يجنح إليه؟! فَإِنْ صَحَ عنه نَفْى صِحَّةِ حَدِيثِ الطائر فَلَا بُد من تأويله بأنه أراد نَفْي أعلى درجات الصحة؛ إذ الصحة عند أئمة الحديث دَرَجَاتٌ سَبْعٌ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ منه قَبْلَ الإِحَاطَةِ بِطْرُقِ الْحَدِيثِ ثُمَّ عَرَفَهَا بَعْدَ ذلك فَأَخْرَجَهُ فِيمَا جَعَلَهُ مُسْتَدْرَكًا على الصحيحين، والثاني: أَنَّ إِخْرَاجَهُ له في المستدرك دليل على صحته عنده؛ فلا يَصِحُ نَفْي الصحة عنه إلا بالتأويل المذكور؛ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْحُ الحاكم في الحديث لا يَتِمُّ! ثم هذا الذَّهَبِيُّ مَعَ نَقَادَتِهِ، وَمَا يُعْزَى إِلَيْهِ مِنَ النَّصْبِ أَلَّفَ فِي طُرُقِهِ جُزْءًا؛ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ قَوْلُ الحَاكِم: لَا يَصِحُ لا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ لَهُ؛ ولأَنَّهُ عَلَّلَ عَدَمَ صِحْتِهِ بِأَمْرٍ قَدْ ثَبَتَ من غير حديث الطير، وهو أَنَّهُ إِذَا كَان أَحَبَّ الخلقِ إلى الله كَانَ أَفْضَلَ النَّاسِ بعد رسول الله ÷؛ فقد ثبت أنه أَحَبُّ الخلق إلى الله من غير حديث الطير كما أخرجه أبو الخير القزويني من حديث ابن عباس: أَنَّ عَلِيًّا دخل على النبي ÷ فقام إليه وعَانَقَهُ وقبل بين عينيه، فقال له العباس: أَتُحِبُّ هذا يارسول الله؟ فقال: «يَا عَمِّ واللهِ لَلَهُ أَشَدُّ حُبًّا له مِنِّي» ذكره المحب الطبري |(١).
  قلت: وفي حديث خيبر الماضي وقوله ÷: «سَأُعْطِي الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» ما يَدُلُّ لذلك؛ فإنه ليس المُرَادُ مِنْ وَصْفِهِ بِحُبِّ اللَّهِ إياه أَدْنَى مَرَاتِبِهَا، وَلَا أَوْسَطَهَا بل أَعْلَاهَا؛ لِمَا عُلِمَ ضَرُورَةً مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ عَلي # قد ثبت ذلك بالنص على أفراد منهم، وثبت أن الله يحبهم جملة، وقوله تعالى: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ}[آل عمران: ٣١] وقد أخبر الله عنهم في عدة آيات أنهم اتبعوا رسوله كقوله تعالى: {لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ}[التوبة: ١١٧] وغيرها من الآيات المُثْنِيَةِ عليهم، الدَّالَّةِ على اتباعهم لرسوله ÷، وقد عَلَّقَ مَحَبَّتَهُ تعالى بِاتِّباع رسوله؛ فَدَلّ على أنهم
(١) الذخائر ٦٢٦، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٢٥٩، وتاريخ بغداد ١/ ٣١٧.