فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]
  وأخرج الملاء في سيرته عن معاوية بن ثعلبة قال: جاء رجل إلى أبي ذر وهو في مسجد رسول ÷، فقال: يا أبا ذر: ألا تخبرني بأحب الناس إليك؟ فَإِنِّي أَعْرِفُ أَنَّ أَحَبَّ الناسِ إليك أحَبُّهُمْ إلى رسول الله ÷؟ قال: إي ورَبِّ الكَعْبَةِ أَحَبُّهُمْ إِلَيَّ أَحَبُّهُمْ إلى رسول الله ÷! هُوَ ذَلِكَ الشَّيْخُ وَأَشَارَ إِلَى عَلي #»، ذكر هذه الأحاديث المحب الطبري ¦(١).
  وإذا ثَبَتَ أنه # أَحَبُّ الخلقِ إلى رسولِ اللهِ ÷ فَإِنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلى اللَّهُ سبحانه؛ فَإِنَّ رَسُولَ الله ÷ لَا يَكُونُ الأَحَبُّ إِلَيْهِ إِلَّا الْأَحَبَّ إِلى الله تعالى، وَأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللهِ من أَدِلَّةٍ غَيْرِ حَدِيثِ الطَّيْرِ؛ إِذَا عَرَفْتَ هَذا فَمَاذَا يُنْكَرُ مِنْ دلالة حديثِ الطير على الأحَبِيَّةِ الدَّالَّة على الأفضلية؟! وَأَنَّهَا تَجْعَلُ هذه الدلالة قادِحَةً في صحة الحديث كما نُقِلَ عن الحاكم؟! ويَقْرُبُ أَنَّ الحَافِظَ أبا عبد الله الحاكم ما أراد إِلَّا الاستدلال على ما يذهب إليه من أفضلية علي # بتعليق الأفضلية على صحة حديث الطير! وقد عَرَفَ أَنَّهُ صحيح؛ فأراد استنزال الخصم إلى الإقرار بما يذهب إليه الحاكم، فقال: لا يصح؛ وَلَوْ صَحْ لَمَا كَان أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ عَلي # بعده ÷! وقد تَبَيَّنَ صِحتَهُ عنده وعند خَصْمِهِ! فيلزم تمام ما أراده من الدليل على مذهبه هذا(٢)!.
  وفي حديث الطير معجزة لرسول الله ÷ باستجابة دعائه في إِتيَانِهِ ÷ بأحبّ الخلق، وفيه دلالة على أَنَّ أَحَبَّ الخَلقِ إلى الله عَليُّ #؛ فإنه مقتضى استجابة الدعوة، وأنه لا أَرْفَعَ منه دَرَجَةً في الأحَبَّيَّةِ عنده تعالى بعد رسوله ÷؛ لأنه ÷
(١) الذخائر ٦٢، وأسد الغاية ٧/ ٢٥٩، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٢٦٤، ٢٦٥.
(٢) فكأنه قال: قد صح حديث الطائر؛ ولهذا فلا أَفْضَلَ بعد رسول الله ÷ من الإمام علي #! قال في سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٧٦ قال ابن طاهر: رأيتُ أنا حديث الطير جَمَعَهُ الحاكم بخطه في جزء ضخم فكتبته للعجب! قلت: وهذا ينفي أنَّ الحاكم قال: إِنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ لا يصح؛ فهو قد أَلَّفَ مُجَلَّدًا ضخما فيه كما تقول الرواية، وأيضًا أفرد الحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان تلميذ الحاكم حديث الطير بجزء مستقل. ينظر: فتح العلي للسيد المحدث أحمد بن محمد الغماري ص ٣.