الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

صفحة 178 - الجزء 1

  دعا ثلاث مرات، وَكُلُّهَا يأتي فيها عليُّ # لا غَيْرُهُ، وَيَرْجِعُ من طريقه مَرَّةً بعد مَرَّةٍ فَرَدَّهُ أَمْرُ اللهِ والدَّعْوَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَأَلْقَى فِي قَلْبِ أَنَسٍ رَدَّهُ لَه # مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِيَظْهَرَ الْأَمْرُ الإِلْهِيُّ وَالدَّعْوَةُ النَّبَوِيَّةُ، إِذْ لَوْ فَتَحَ له عند أَوَّلِ مَرَّةٍ لَرُبَّمَا قِيلَ: اتفق أنه وصل إلى رسول الله ÷ اتفاقا، فما وقع التردد من أنس، والتردد منه # إلا لِيُعْلَمَ اخْتِصَاصُهُ، وأنه لو كان غَيْرُهُ في رتبته # لَجَاءَ بَدَلَهُ أَوْ مَعَهُ؛ إذ ليست الدعوة مقصورةً على واحد، وقد قدمنا في حديث المحبة بَحْثًا نَفِيسًا في حديث خيبر فلا نكرره. وأشار الإمام المنصور بالله # إلى حديث الطير بقوله:

  ومَنْ غَدَاةَ الطَّيْرِ كَانَ الَّذِي ... خُصَّ بِأَكْلِ الطَّائِرِ الْمُشْتَوِي⁣(⁣١)

  قوله:

  ٣٤ - وَعَلَيْهِ الشَّمْسُ رُدَّتْ فَغَداً ... أَفْقُهَا مَنْ بَعْدِ إِظْلَامٍ مُضِيًّا

  البيت واضح الألفاظ، وهو إشارة إلى الفضيلة العجيبة، والمعجزة النبوية السنية! وهي قصة رد الشمس لعلي # بالدعوة النبوية! وذلك فيما أخرجه أبو الحسن شَاذَانُ الفضلي الفُرَاتِيُّ⁣(⁣٢) في كتاب رَدَّ الشَّمْسِ⁣(⁣٣): عن علي # قال: لما كنا بخيبر سَهِرَ رسول الله ÷ في قتال المشركين، فلما كان من الغد وكان مع صلاة العصر جثته ولم أُصَلَّ صلاة العصر، فوضع رأسه في حجري فنام فاستثقل، فلم يستيقظ حتى غربت الشمس، فلما استيقظ مع غروب


(١) ينظر محاسن الأزهار ص ١٠٠.

(٢) لم أقف على ترجمته، وهو من أعلام القرن الرابع الهجري، محدث له خصائص الإمام علي، وأيضًا أفرد حديث رد الشمس بجزء مستقل.

(٣) وقد أفرد جماعة من الحفاظ حديث رد الشمس بجزء مستقل، منهم: أبو الحسن بن شاذان، والشريف المحدث النسابة أبو علي محمد بن أسعد الجواني. ينظر فتح الملك العلي للغماري ص ٣، وكذلك السيوطي صنف رسالة سماها: «كشف اللبس، عن حديث رد الشمس»، وأورد طرقه بأسانيد كثيرة. وقال ابن حجر في شرح همزية البوصيري ص ١٢١ في شق القمر: ويناسب هذه المعجزة رد الشمس له بعد ما غابت حقيقة ... إلى قوله: فردت ليصلي علي. وقد صحح الحديث الطحاوي، والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والمناوي، وغيرهم. ينظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ١٢/ ٢٢٩، وينظر الغدير ٣/ ١٢٦ - ١٤١.