الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

صفحة 182 - الجزء 1

  الكرامات والدلائل على صحة الرواية. وها هنا سؤالات:

  الأول: أنه قد يقال: كيف جاز للوصي # تَرْكُ صلاة العصر عَمْدًا، وهَلَّا أيقظ الرَّسُولَ؟ أو وضع رأسه عن حجره؟ - والجواب: أنه قد ثبت وجوب إجابة مَنْ كان في الصلاة لرسول الله ÷ إن دعاه: كما ساقه المفسرون في تفسير قول الله تعالى: {ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ}⁣[الأنفال: ٢٤] فعن أبي هريرة أن رسول الله ÷ مَرَّ على أبي بن كعب فناداه وهو يصلي فَعَجَّل في صلاته ثم جاء، فقال: ما منعك من إجابتي؟ قال: كنت أصلي، قال: أَلَمْ تُخْبَر فيما أوحي إلي: {ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ}؟ قال: لا جَرَمَ لا تدعوني إلا أجبتك⁣(⁣١)؛ فإذا كان الخروج من الصلاة لإجابته ÷ واجبًا فكيف طاعته قبل الدخول فيها؟ ثُمَّ إِنَّ طاعة رسول الله ÷ من طاعة الله تعالى؛ وقد قال تعالى: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ}⁣[الحشر: ٧]، ثُمَّ إِنَّ الأحكام الشرعية كُلَّهَا مستفاده من رسول الله ÷؛ فلما نام ÷ في حجره # وجَبَتْ عليه طاعته حتى يقضيَ إِرْبَهُ، وإذا كان تَرْكُ الصلاة جائزا مع اتصال مدافعة العدو؛ لأنه طاعة لله ولرسوله؛ فكذلك مع طاعة رسوله. وفيه أيضًا طَاعَةُ الله على ما في رواية أسماء بنت عميس التي أخرجها الطحاوي عند القاضي عياض [الشفاء ١/ ٥٤٨]: أنه كان يوحى إلى رسول الله ÷ ورَأْسُهُ في حَجْر على فَهْوَ إذًا طاعةٌ الله ولرسوله؛ لأنه لو أيقظه ارتفع الوحي؛ فربما يكون عاصيا بإيقاظه، وقد أَخَرَتِ الطائفةُ الخارجة إلى بني قريظة صلاة العصر إلى الليل عَمَلًا بقوله ÷: «لا تُصَلُّوا العَصْرَ إلا في بني قُرَيْظَةَ»⁣(⁣٢)؛ وهذا من فقه أمير المؤمنين، وعِلْمِهِ بِحَقِّ اللهِ وحَقٌّ، رسوله، واتَّبَاعِهِ لأمره! لاسيما وقد ظهر من قوله ÷ له بعد أن انتبه من نومه: «يَا عَلِيُّ أَصَلَّيْتَ الْعَصْرَ؟» - أنه ÷ كَان عَالِمًا


(١) الترمذي ١٤٥٣ برقم ٢٨٧٥ من حديث طويل، وأحمد ٣/ ٣٨٧ رقم ٩٣٥٦، وابن خزيمة ٢/ ٣٧ رقم ٨٦١، والحاكم في المستدرك ١/ ٦٤٥، والبيهقي في السنن ٢/ ٣٧٥.

(٢) البخاري ١/ ٣٢١ برقم ٩٠٤، ٤/ ١٥١٠ رقم ٣٨٩٣، وعبدالرزاق ٥/ ٣٦٧ رقم ٩٧٣٧.