الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

صفحة 183 - الجزء 1

  أَنَّ عَلِيًّا # لم يُصَلُّ العَصْرَ، فما تَرَكَ الصَّلاةَ وأَخَّرَهَا إلا امتثالا لأمره ÷ كما صنع الصحابة الخارجون إلى بني قريظة.

  الثاني: أنه مَا الحِكْمَةُ في دُعَائِهِ ÷ لِعَلِيُّ # بِرَدِّ الشمس؟ وقد فَاتَتْ رَسُولَ الله ÷ الصَّلاةُ يوم الخندق: الظُّهْرُ والعَصْرُ، وفَاتَهُ هو وأَصْحَابَهُ الفَجْرُ لَيْلَةَ الوادي حين ناموا حتى طلعت الشمس، فما باله ÷ لم يَدْعُ اللهَ بِرَد الشمس في الأول حتى يأتي هو وأصحابه بالفريضتين في وَقَتَيْهِمَا؟ وما بَالُهُ ليلةَ الوادي ما دعا الله تعالى بِأَنْ يَرُدَّ الليل؟ وما بَالُ هذه القضية التي هي مثل تلك القضايا اخْتَصَّتْ بهذه المعجزة؟ والجواب: أن هذه القضايا غَيْرُ مساوية لقضية أمير المؤمنين، وأنَّ بينها فَرْقًا هي وتلك القضايا؛ فَإِنَّ أمير المؤمنين # تَرَكَ هذه الصلاةَ عَمْدًا لا نِسْيَانًا ولا لنوم بل لطاعة رسول الله؛ بخلاف صلاة الخندق فلم يَتْرُكْهَا الرَّسُولُ ÷ لذلك، بل: إِمَّا لِنِسْيَانٍ كما يُرْشِدُ إليه حديث جابر عند الخمسة: أَنَّ عُمَرَ جاء يوم الخندق بعد ما غربتِ الشمسُ فجعل يَسُبُّ كفار قريش! وقال: يا رسول الله - ما كدتُ أُصَلِّي العصر حتى كادت الشمس تغرب! فقال ÷: «وَاللهِ مَا صَلَّيْتُهَا» الحديث⁣(⁣١)! فإنه يُفْهَمُ أَنَّ عُمَر ذَكَرَهُ، وقد ثبت أَنَّ مَنْ نام عن صلاته، أو نسيها فَوَقْتُها حين يذكرها⁣(⁣٢). وإِمَّا أَنَّهُ تَرَكَهَا لشغلته بالجهاد ومدافعة الكفار؛ فهي حالةٌ قد أُبيح فيها ترك الصلاة على كل حال؛ فليستْ مِثْلَ صِفَةِ صلاةِ الوَصِي #. وأَمَّا صلاة الفجر التي نام عنها ÷ وأصحابه في الوادي فَإِنَّها لم تُتْرَك إلا للنوم - وقد قال ÷: «مَنْ نَامَ عن صلاتِهِ أَوْ نَسِيَهَا فَوَقْتُهَا حِينَ يَذْكُرُهَا» - فلم تَفتِ الصَّلاتَانِ في وقتها. وأَمَّا صلاة


(١) البخاري ١/ ٣٢١ رقم ٩٠٣، ومسلم ١/ ٤٣٨ رقم ٢٠٩، والنسائي ٣/ ٨٤ رقم ١٣٦٦، والترمذي ١/ ٣٣٨ رقم ١٨٠.

(٢) مسلم ١/ ٤٧٧ رقم ٣١٥، والترمذي ١/ ٣٣٥ رقم ١٧٨، وأبو داود ١/ ١٧٢ رقم ٤٣٥، والنسائي ١/ ٢٩٣ رقم ٦١٤، والمعجم الكبير ٢٢/ ١٠٧ رقم ٢٦٨، وأبو يعلى ٢/ ١٩٢ رقم ٨٩٥ (ر)، وعبد الرزاق ٢/ ٣ رقم ٢٢٥٠.