فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]
  الوَصِيُّ فَفَاتَتْ في وقتها - وإن كان معذورًا؛ لكونه في طاعة الرسول ÷؛ فهذه كرامة له #، وخُصُوصِيَّةٌ وفضيلةٌ اخْتَصَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ÷ بها، وجمع له بين أجرين أَجْرٍ طاعةِ الرسول، وأجْرِ الإتيان بالصلاة في وقتها.
  الثالث: أَنَّ ذلك اليوم الذي وجبت فيه صلاة العصر قد فات بغروب شمسه، ودخول ليلة ثانيه؛ فَرُجُوعُ الشمس لا يَرْجِعُ معه ذلك الوقت؛ فهذه الصلاة ليست صلاةَ عَصْرِ ذلك اليوم؟.
  والجواب: أن هذا سؤال لا يُسْمَعُ؛ لأن ذلك حُكْم الله ورسوله، ولله ورسوله ÷ أَنْ يُخَصِّصَ ما شاء بما شاء؛ وقد جعل ÷ الصلاةَ الْمَنُومَ عنها والمَنْسِيَّةَ التي تُؤَدَّى في غير وقتها هي التي تُؤَدَّى في وَقْتِهَا الفَائِتِ؛ فكذلك خُصَّ الوَصِيُّ بهذه الفضيلة التي لم تتفق إلا لنبي الله يوشع بن نون؛ فإنه في بعض حروبه للمشركين خاف فوات الوقت ولم يُصَلِّ؛ فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور؛ فلا تغربي، فطلعت الشمس وذلك مشهور(١)، وإليه لَمَحَ أبو تمام في قوله:
  فوالله ما أَدْرِي أَأَحْلامُ نَائِم ... أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَان فِي الرَّكْبِ يُوشَعُ(٢)
  ولمح الْمَعَرِّي أيضًا في قوله:
  ويُوشَعُ رَدَّ يُوحًا بَعْضَ يَوم ... وأَنْتِ إِذَا سَفَرْتِ رَدَدْتِ يُوحَا(٣)
  ولم يذكر الإمام المنصور بالله # هذه الفضيلة في أبياته. قوله:
  ٣٥ - وَبِخُمُ قَامَ فِيْهِمْ خَاطِبَا ... تَحْتَ أَشْجَارِ بِهَا كَانَ تَفْيا
  ٣٦ - قَائِلًا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَقَدْ ... صَارَ مَوْلَاهُ كَمَا كُنْتُ عَلِيًّا
  «حم»: بالخاء المعجمة المضمومة موضع بالجحْفَةِ، يقال له: غَدِيْرُ خُمِّ، ويقال فيه: خُمّ بحذف صَدْرِهِ، قال في القاموس [١٤٢٦]: غَدِيرُ خُم: موضع بالجحفة بين
(١) تاريخ الطبري ١/ ٤٣٩، والمنتظم لابن الجوزي ١/ ٣٧٧، والمستدرك ٢/ ١٥١، وابن كثير في قصص الأنبياء ٢/ ٢٠٧، والبداية والنهاية ١/ ٣٧٧، ٦/ ٣١٣.
(٢) ديوان أبي تمام بشرح التبريزي ٢/ ٣٢٠.
(٣) يوح من أسماء الشمس. القاموس ٣١٦، وفي اللسان ٢/ ٦٣٩٥ بلفظ: وأنتِ مَتى سَفَرْتِ رَدَدْتِ يُوحَا.