الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]

صفحة 195 - الجزء 1

  كانت المرحلة أربعةَ بُرد، والبريد اثنا عشر ميلا؛ تكون المرحلة ثمانية وأربعين ميلًا. إذا عرفت هذا عرفت أن من مكة إلى الجحفة لا يكون إلا دون المرحلتين الكاملتين؛ لأنهما ستة وتسعون ميلًا، وإذا عرفت أن رسول الله ÷ خرج من مكة يوم خامس عشر من ذي الحجة؛ فَيَوْمُ ثامِنَ عَشَرَ رَابِعُ أَيَّامِ سفره؛ فعلم أنه بات ليلة ثامن عشر في الجحفة، وصلّى بها الظهر، وخطب بعد الصلاة، فيا للعجب ممن قصر نظره عن البحث! كيف يقدح فيما صح باتفاق الكل بأمر يُرْجَعُ إلى المحسوس المشاهد! لقد نادى على نفسه بالبلاهة وسوء النظر، وعدم الدراية! ولا يقال: إنه في اعتبار هذه الأزمنة لا يمكن؛ لأنا نقول: إِنْ أُريد أسفارُ أهل الرفاهية والمترفين والمرضى والزَّمْنَى فلا اعتبار به وإِنْ أرِيْد أسفار العرب وأهل الجد ففي هذا الزمن يبلغ من مكة إلى المدينة على الركاب في أربع، وأهل المدينة يسافرون للحج في زمننا هذا يوم خامس أو رابع ذي الحجة ويوافقون عرفات. وأما أهل الرفاهية فلا اعتبار بهم، وقد كان ÷ على نهج العرب، وقد بلغ دخوله إلى مكة في تلك الحجة في سبعة أيام أو ثمانية على اختلاف الرواية: وبالجملة فالتشكيك بهذا نوع من الهذيان؛ فقد عرفت بما قدمناه أن الحديث متواتر، والأسفار تختلف، وليس مُحَالًا عادةً ولا عُرْفًا، ثم حديث الموالاة قد ثبت باتفاق الفريقين؛ فلا يسمع هذا التشكيك من قائله والله الموفق. قوله:

  ٣٧ - والذِي زَكَى بِمَا فِي كَفِّهِ ... رَاكِعًا أَكْرِمْ بِهِ بَرًا زَكِيا

  والتزكية: من الزكاء وهو النماء والزيادة؛ وسُمِّيَتِ الصَّدَقَةُ زكاة؛ لأنه يزكو بها المال ويزيد كما صرح بذلك قوله تعالى: {وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ ٣٩}⁣[الروم: ٣٩]، وألفاظ البيت واضحة، وبين زكَّي وزكِيّ جناس الاشتقاق، والبَيْتُ إشارة إلى صَدَقَتِهِ # بخاتمه راكعًا، ونزلت بسببه الآية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥}⁣[المائدة: ٥٥]، ذكر ذلك المحب الطبري |،