الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 230 - الجزء 1

  الذي يليه ضدها، حتى إنه في ساعتنا هذه طلب أحدهما الجماع! فقال علي: الله أكبر، إنَّ الله أحلم وأكرم من أن يرى عبد أخاه وهو يجامع أهله! ولكن عَلِّلُوهُ ثلاثًا فإن الله سيقضي قضاء فيه، ما طلب هذا إلا عند الموت، فعاش بعدها ثلاثة أيام ومات، فجمع عمر أصحاب رسول الله ÷ فشاورهم، فقال بعضهم: اقْطَعهُ حتى يبين الحي من الميت، وتكفنه وتدفنه، فقال عمر: إن هذا الذي أشرتم لعجب! أَنْ نَقْتُلَ حَيَّا لحال ميت! وضَجّ الجسَدُ الحَيُّ وقال: اللهُ حَسْبُكُمْ! تقتلوني وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ÷، وأقرأ القرآن! فَبَعَثَ إلى علي # فقال: يا أبا الحسن احْكُمْ فيما بين هذين الخلقَيْنِ، فقال علي #: الأمر فيه أوضح من ذلك وأسهل، وأيسر الحكم أن تغسلوه وتحنطوه وتكفنوه، وتدعوه مع ابن أمه يحمله الخادم إذا مشى، ويعاون عليه أخاه، فإذا كان بعد ثلاث جَفَّ، فاقطعوه جافًا، ويكون موضعه حيا لا يتألم؛ فإني أعلم أن الله لا يُبقي الحي بعده أكثر من ثلاث؛ لئلا يتأذى من رائحة نتنه وجيفته، ففعلوا به ذلك، فعاش الآخر ثلاثة أيام ومات؛ فقال عمر: رضي الله عنك يا بن أبي طالب فما زلتَ كَاشِف كل شبهة، ومُوَضّح كل حكم. أخرجه أبو طالب علي بن أحمد الكاتب المذكور آنفا، قال السيوطي: ورجاله ثقات إلا سعيد بن جبير لم يُدرك عُمَر⁣(⁣١).

  قلتُ: لا يضر ذلك؛ فإنه من قِسْمِ الْمُرْسَلِ الذي أجمع السلف على قبوله كما ذكره العلامة محمد بن إبراهيم الوزير عن العلامة الكبير محمد بن جرير، وقال: إنه إجماع السلف، ولم يظهر الخلاف فيه إلا من بعد المائتين⁣(⁣٢). وعن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إِنْ تَركي [أي ما تركي] لهذا المال في الكعبة؟ لأخُذُهُ فَأَقْسِمُهُ في سبيل الله وفي سبيل الخير - وعَلِيُّ بْنُ أبي طالب يسمع ما يقول؛ فقال: ما تقول يا بن أبي طالب؟ تالله لئن شجعتني عليه لأفعلن! فقال له علي: أَتَجْعَلُهُ فَيا


(١) الجامع الكبير ١٥/ ٤٤٢ رقم ٦٥١٢. أقول: إن علم علي # كالبحر لا يحتاج في إثباته لأساطير.

(٢) توضيح الأفكار ١/ ٢٩١، ٣١٧.