الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 231 - الجزء 1

  وصَاحِبُه رجل يأتي في آخر الزمان: ضَرْبٌ، آدَمُ، طَوِيل؟؛ فمضى عمر، وذكر أن النبي ÷ وَجَدَ في الجُبِّ الذي كان في الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب مما كان يهدى إلى البيت! وأن علي بن أبي طالب قال: يا رسول الله لو استعنت بهذا المال على حربك فلم يحركه، ثم ذكر لأبي بكر فلم يحركه. أخرجه الأزرقي⁣(⁣١).

  قلت: فهذه عيون من القضايا التي رجع فيها الصحابة إليه فكشف عماها، وأنار شَمْسَ ضُحَاهَا، وأتى فيها بأحكام لا تفاضُ إلا من فيض علوم الرسول ÷، ولا يهتدي إليها فِكْرُ سِوَاهُ، ولا لِذِهْنِ غَيْرِهِ إليها وُصُولٌ! ولو تتبعنا ما ورد لطال المقال، وخرجنا إلى مؤلّف حقيق بالاستقلال. قوله:

  ٤٢ - وَلَكَمْ ظَمْآنَ وَافَى بَحْرَهُ ... فَغَدَا مِنْ بَحْرِهِ العَذْبِ رَوِيَّا

  البيتُ إشارة إلى ما كشف الله بعلومه عن السائلين من الحيرة، وما كان له في ذلك مع السائلين من القضايا الكثيرة الشهيرة؛ وَلْتَشَرف بذكر عُيون من قضاياه #، وأجوبته في عصر المصطفى ÷، وبَعْدَهُ مما يُصَدِّقُ فيه ما أنشده # في نفسه مما أخرجه الحافظ أبو - عمر بن عبد البر عن الحارث الأعور، قال: سُئِل علي بن أبي طالب # عن مسألة فدخل مُبَادِرًا ثم خرج في حِذَاء ورِدَاءِ وهو مبتسم! فقيل له: يا أمير المؤمنين إنك كنتَ إِذا سُئِلْتَ عن المسألة تكون فيها كَالسِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ؟ قال: إني كنت حَاقِنا ولا رَأْيَ لِحَاقِن، ثم أنشأ يقول:

  إذا المشْكِلاتُ تَصَدَّيْنَ لِي ... كَشَفْتُ حَقَائِقَهَا بِالنَّظَرْ

  فَإِنْ بَرَقَتْ في مخيل الصَّوَابِ ... عُميَّاءَ لا يَجْتَلِيْهَا البَصَرْ⁣(⁣٢)

  مُقَنَّعَةٌ بِغُيُوبِ الأمور ... وضَعْتُ عَلَيْهَا صَحِيحَ الْفِكَرْ

  لِسَانًا كَشِقْشِقَةِ الأَرْحبي ... أَوْ كَالْحسام اليَمانِي الذَّكَرْ⁣(⁣٣)


(١) أخبار مكة ص ٢٤٦، والجامع الكبير ١٦/ ٣٥٥ رقم ٨٣١٧. وأقول: لا أظن هذه القصص إلا من باب الخرافات؛ فالإمام علي أكبر فقها وأشهر علمًا من أن يحتاج لاختلاق روايات تثبت علمه الغزير.

(٢) المخيل: السحاب يخال فيه المطر. وعُميَّاءُ: تصغير عمياء. ولا يجتليها: أي لا يكشفها.

(٣) الشقشقة: هي شقشقة الفحل عند أن: يهيج. وفي الأصل: «كشقشقة الأريحي»، وهو الذي يرتاح =