الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 232 - الجزء 1

  وقَلْبَا إِذَا اسْتَنْطَقَتْهُ الفنون ... أَبَرَّ عَلَيْهَا بِوَاءِ دُرَرَ⁣(⁣١)

  وَلَسْتُ بِإِمَّعَةٍ⁣(⁣٢) فِي الرِّجَالِ ... أُسَائِلُ هَذَا وَذَا مَا الْخَبَر

  ولكنني مِذْرَبُ الأَصْغَرَيْن ... أُبَيِّنُ مَعْ مَا مَضَى مَا غَبَر⁣(⁣٣)

  كذا في الجامع⁣(⁣٤)، ومَحْفُوظُنَا: (أَقِيْسُ بِمَا قَدْ أَتَى مَا غَبَرْ).

  قلت: يُصَدِّقُ هذا الآتِي مِنْ بديع قضاياه وغريب أجوبته على مَنْ لِكَشْفِ المشكلات وافاه.

  أخرج أبو داود الطيالسي، وأحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة، وابن منيع، وابن جرير، وصححه عن علي # قال: بعثني رسول الله ÷ إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بَنَوْا زُبْيَةً [حُفْرَةٌ] للأسد، فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فَتَعَلَّقَ بآخر، ثُمَّ تعلق رجل بآخر حتى صاروا فيها أَرْبَعَةً؛ فَجَرَحَهُم الأسد؛ فانتدب له رجل بحربة فقتله، وماتوا من جراحهم كُلَّهم؛ فقام أولياء الأول إلى أولياء الثاني فأخرجوا السلاح ليقتتلوا، فأتاهم علي # على تَفِئَةِ [حين] ذلك؛ فقال: تريدون أن تقتتلوا ورَسُولُ اللهِ ÷ حَيَّ؟! أنا أقضي بينكم بقضاء إن رضيتم فهو القضاء، وإِلَّا حَجَرَ بعضُكم على بعض حتى تأتوا النبي ÷ فيكون هو الذي يقضي بينكم، فَمَنْ عَدًا بعد ذلك فلا حَقٌّ له؟ اجْمَعُوا مِنْ قَبَائِلَ الَّذِيْنَ حَفَرُوا البئرَ رُبعَ الدِّيَةِ، وثُلُثَ الدِّيَةِ، ونِصْفَ الدِّيَةِ، والدِّيَةَ كاملةً: فللأُولِ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ بِمَنْ فوقه، وللثاني ثُلُثُ الدِّيَةِ، وللثالث نِصْفُ الدية، وللرابع الديةُ، فَأَبَوْا أَنْ يَرْضَوا؛ فأتوا النبي ÷ وهو عند مقام إبراهيم، فَقَصُّوا عليه القصة؛ فقال: أَنَا


= للعطاء؛ والصواب ما أثبتناه من جامع الحكم وغيره.

(١) في نسخة: برأي، وأخرى تره وأبر زاد على ما تستنطقه، ودرر: بالضم جمع، وبالكسر، يقال للسحاب درة أي له صب واندفاق، كما في النهاية ٢/ ١١٢.

(٢) الإمعَةُ: هو الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه. النهاية ١/ ٦٧.

(٣) مذرب الأصغرين المذرب الحاد، وأصغراه قلبه ولسانه وفي نسخة: مدره الأصغرين.

(٤) جامع بيان العلم ٢/ ١١٣، والجامع الكبير ١٦/ ١١٧ رقم ٧٣٢٦، وأمالي القالي ٢/ ١٠١.