(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)
  أَقْضِي بينكم واحتبى، فقال رجل من القوم: إِنَّ عَلِيًّا قَضَى بيننا، فَقَضُوا عليه فَأَجَازَهُ النبي ÷. وفي لفظ: فقال النبي ÷: «القَضَاءُ كما قَضَى عَلي». وأخرجه البيهقي وضعفه، قاله في الجامع(١)؛ قلت: ليس بعد تصحيح. محمد بن جرير كلام؛ فَإِمَامَتُهُ في هذا الشأن لا تُجْهَلُ كما قدمنا لاسيما مع إطلاق التضعيف.
  [ذكر ابن القيم | توجيه هذا الحكم العَلَوِيّ في قصة الزبية، فقال: إِنَّهُ مُقْتَضَى القياس والعَدْلِ؛ وإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِأَصْلِ وهو أَنَّ الحِنَايَةَ إذا حصلت مِنْ فِعْلِ مَضْمُونٍ وَمُهْدَرٍ سَقَطَ ما يُقَابِلُ الْمُهْدَرَ، واعْتُبِرَ ما يُقَابِلُ الْمَضْمُونَ، قال: وإِذا ثبت هذا فلو ماتوا بسقوط بعضهم على بعض - كان الأول قد هلك بِسَبَبٍ مُرَكَّب من أربعة أشياء: سُقُوطِهِ، وسقوط الثاني، والثالث، والرابع؛ وسُقُوطُ الثلاثةِ فَوْقَهُ مِنْ فِعْلِهِ! وجِنَايَتُهُ على نَفْسِهِ فَسَقَطَ ما يُقَابِلُهُ وهو ثلاثة أرباع الدية، وبقي الربع الآخَرُ لم يَتَوَلَّدٌ مِنْ فِعْلِهِ، وإنما تولد من التزاحم فلم يُهدر.
  وأما الثاني: فلأن هلاكه كان من ثلاثة أشياء: جَذْبِ مَنْ قَبْلَهُ له، وجَذْبِهِ لثالث، ورابع؛ فَسَقَط ما يُقَابِل جَذْبَهُ، وهو ثُلُثَا الدِّيَةِ، واعْتُبِرَ ما لا صُنْعَ له فيه، وهو الثلث الباقي.
  وأما الثالث: فَحَصَلَ تَلَفُهُ بشيئين: جَذْبِ مَنْ قَبْلَهُ له، وجَذْبِهِ هُوَ للرابع؛ فَسَقَطَ فِعْلُهُ دونَ السَّبَبِ الآخَرِ؛ فكان لورثته النِّصْفُ.
  وأما الرابع: فليس منه فعل البَتَّةَ، وإنما هو مَجْذُوبٌ مَحْضُ؛ فكان لورثته كَمَالُ الدِّيَةِ، وقَضَى بها على عَوَاقِلِ الذين حَفَرُوا البِثْرَ لِتَدَافُعِهِمْ وَتَزَاحُمِهِمْ.
  فإن قيل: لِمَ لَمْ يُوجِبُوا على عاقلة الجاذب شَيْئًا مع أنه مباشر، وأوجَبْتُمْ على عاقلة مَنْ حفروا البِئْرَ ولَمْ يُبَاشِروا وهذا خلاف القياس؟
  والجواب: أن الجاذب لم يُبَاشِرِ الإِهْلَاكَ وإنما نُسِبَ إليه، والحاضرون تسببوا
(١) أحمد في المسند ١/ ١٦٧ رقم ٥٧٣ و ١/ ٢٧٢ رقم ١٠٦٣، وابن أبي شيبة ٥/ ٤٤٨ رقم ٢٧٨٧٢، والبيهقي ٨/ ١١١، والجامع الكبير ١٦/ ٢٤١ رقم ٧٨٠٦ عن ابن منيع، وابن جرير.