الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 234 - الجزء 1

  بالتزاحم؛ فكان تسببهم أقوى مِنْ تَسَبُّبِ الجاذب؛ لِأَنَّهُ أُلْجِئَ إلى الجذب كما لو أَلْقَى إِنْسَانُ إِنْسَانًا على آخَرَ فَنَفَضَهُ عنه لِئَلَّا يَقْتُلَهُ فَمَاتَ؛ فَالقَاتِلُ هو المُلْقِي.

  فإن قيل: هذا يَتَأَتَى لكم لو مَاتُوا بِسُقُوطِ بعضهم على بعض، فكيف يتأتى هنا وإنما ماتوا بقتل الأسد؟ فجوابه: أَنَّ المباشر للتلف كالأسد والماء والنار لَمَّا لَمْ تُمكن الإحالة عليه الْغِي فِعْلُهُ؛ وصَارَ الْحُكْمُ لِلسَّبَبِ، ففي مسألة الربية ليس للرابع فِعْل الْبَتَّةَ، وإنما هو مفعول به مَحْضُ؛ فله كَمَالُ الدِّيَةِ، والثالث فاعل ومفعول به؛ فألغي ما يقابل فعله، واعتبر فعل الغير به؛ فكان قسطه نصف الدية، والثاني كذلك إلَّا أنه جاذب، لواحد، والْمَجْذُوبُ جَاذِبُ لآخر؛ فكان الذي حصل عليه من تأثير الغير فيه ثُلُثُ السَّبَبِ، وهو جَذْبُ الأول له؛ فَلَهُ ثلث الدية، وأما الأول فثلاثة أرباع السَّبَبِ مِنْ فِعْلِهِ، وهو سقوط الثلاثة الذين سقطوا لفعله مباشرةً وتَسْبِيْبًا، ورُبْعُهُ مِنْ وقوعه بتزاحم الحاضرين؛ فكان قِسْطه رُبُعُ الدية، انتهى من كتاب إعلام الموقعين [٢/ ١٣].

  وأخرج أحمد بن حنبل في المناقب من حديث زيد بن أرقم قال: أُتِي عَلي في ثلاثةِ نَفَرٍ وَقَعُوا على جاريةٍ في طُهْرٍ وَاحِدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا، فَادَّعَوْهُ؛ فقال عَلِيٌّ لأحدهم: أَتَطِيْبُ نَفْسًا لهذا؟ قال: لا، قال للآخر: أتطيب نفسا لهذا؟ قال: لا، قال للآخر: أتطيب نفسًا لهذا؟ قال: لا، قال: أراكم شُرَكَاءَ مُتَشَاكِسِينَ؛ إِنِّي أَقْرَعُ بينكم فَأَيُّكُمْ أَصَابَتْهُ القُرْعَةُ أَلْزَمْتُهُ ثُلُثَيِ القِيْمَةِ، وَأَلْزَمْتُهُ الوَلَدَ! فذكروا ذلك للنبي ÷، فقال: ما أَجِدُ فيها إِلَّا ما قالَ عَلِيَّ⁣(⁣١).

  وأخرج أحمد عن حميد بن عبد الله بن يزيد قال: ذُكِرَ عند النبي ÷ قضاء قضى به


(١) فضائل الصحابة ٢/ ٨٠٠ رقم ١٠٩٥، وابن ماجة ٢/ ٧٨٦ رقم ٢٣٤٨، والنسائي ٦/ ١٨٢ رقم ٣٤٨٨، ومسند الحميدي ٢/ ٣٤٥ رقم ٧٥٨، وسنن البيهقي ١٠/ ٢٦٦ رقم ٢١٠٧٠، ٢١٠٧١، ومسند أحمد ٧/ ٨٧ رقم ١٩٣٤٨، والحاكم ٣/ ١٣٥، و ٤/ ٩٦، والطبراني في الكبير ٥/ ١٧٢، ١٣٧ رقم ٤٩٨٧، و ٤٩٩٠، ٤٩٩١، وعبدالرزاق ٧/ ٣٥٩ رقم ١٣٤٧٢، و ابن أبي شيبة ٦/ ٢٨٦ رقم ٣١٤٧٠. أما اليوم فيعتمد في مثل هذا ما قرره الفحص الطبي القادر على كشفه بسهولة بواسطة الحمض النووي.