(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)
  علي # فَأَعْجِبَ به النبي ÷؛ وقال: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِيْنَا الْحِكْمَةَ أَهْلَ البَيْتِ»(١).
  وأخرج الحافظ الجليل جمال الدين المزي في تهذيب الكمال عن زِةٌ بْنِ حُبَيْش: جَلَسَ رجلان يَتَغَدَّيَانِ مع أحدهما خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ، ومع الآخر ثلاثة أَرْغِفَةٌ، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مَرَّ بهما رجل فسلم، فقالا اجلس للغداء، فجلس فأكل معهما، واستووا في أَكْلِهِمُ الثَّمَانِيَةَ الأرغفة، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم وقال: خُذَاهَا عِوَضًا مِمَّا أكلتُ ونِلْتُهُ من طعامكها؛ فتنازعا: فقال صاحب الخمسة الأرغفة: لي خمسة دراهم، ولك ثلاثة، وقال صاحب الأرغفة الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نِصْفَيْنِ، فارتفعا إلى أمير المؤمنين علي #، فقصا عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة: قد عَرَضَ عليك صاحبك ما عرض، وخُبْزُهُ أَكْثَرُ مِنْ خُبْزِكَ؛ فَارْضَ بالثلاثة! فقال: والله لا رضيتُ إلا بِمُرَّ الحَقِّ، فقال علي #: ليس لك بِمُرّ الحقِّ إِلَّا دِرْهَمُ واحدٌ، وله سَبْعَةُ دَرَاهِمَ! فقال الرجل: سبحان الله! قال: هو ذلك؛ قال: فَعَرَّفْنِي الوَجْهَ فِي مُرَّ الحَقِّ حتى أَقْبَلَهُ؛ فقال علي #: أَلَيْسَ الثَمَانِيَةُ الْأَرْغِفَةُ أربعة وعشرين ثُلثَا؟ أكلتموها وأنتم ثَلَاثَةُ أَنْفُسِ، وَلَا يُعْلَمُ الْأَكْثَرُ أَكْلًا منكم ولا الْأَقل؛ فَتَحْمَلُونَ في أَكْلِكُمْ على سواء؛ فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تِسْعَةُ أَثْلَاثٍ، وأكل صَاحِبُكَ ثَمَانِيَةَ أَثْلَاثٍ، وله خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلثَا: أَكَلَ منها ثمانية، وبقي له سَبْعَةٌ، وأكل الرجل ثمانية أثلاث، فَلَكَ وَاحِد من ذلك بِوَاحِدِكَ، وله سَبْعَةٌ! فقال الرجل: رضيتُ الآنَ(٢).
  وأخرج ابن عساكر عن محمد بن زكريا الغَلَابيُّ(٣): حدثنا العباس بن بكار(٤)
(١) فضائل الصحابة ٢/ ١٢ ٨ رقم ١١١٣.
(٢) تهذيب الكمال ٢٠/ ٤٨٦ في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب #.
(٣) الضبي، من أهل البصرة، كان صاحب حكايات وأخبار. قال في الثقات يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ لأن في روايته عن بعض المجاهيل بعض المناكير، توفي سنة ٢٩٠ هـ. ثقات ابن حبان ٩/ ١٥٤، وشذرات الذهب ٣/ ٣٨٠.
(٤) من أهل البصرة، قال في الثقات كان يغرب حديثه عن الثقات لا بأس به، ت: ٢٢٢ هـ ثقات ابن حبان ٨/ ٩٢.