الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 236 - الجزء 1

  حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن مسيرنا إلى أهل الشام؛ بقضاء وقدر؟ فقال علي #: والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ما قَطَعْنَا وَادِيًا، ولا عَلَوْنَا تَلْعَةٌ⁣(⁣١) إلا بِقَضَاءِ وقَدَرٍ؛ فقال الشيخ: عِنْدَ الله أَحْتَسِبُ عَنَائِي! فقال علي #: ولِمَ؟ بل عَظَمَ اللهُ أَجْرَكُمْ في مسيركم وأنتم تَصْعَدُونَ، وفي مُنْحَدَرِكُمْ وَأَنتُم مُنْحَدِرُون، وما كُنتُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِكُمْ مُكْرَهِيْنَ، ولا إليها مُضْطَرِّينَ! فقال الشيخ: كيف يا أمير المؤمنين والقضاءُ والقَدَرُ ساقنا إليها؟ قال: وَيْحَكَ! لعلك ظَنَنْتَهُ قَضَاءً لازمًا، وقَدَرًا حَاتِما؟ ولو كان ذلك لَسَقَطَ الوَعْدُ والوَعِيْدُ، وَلَبَطَلَ الثَّوَابُ والعِقَابُ، ولا أَتَتْ لَائِمَةٌ مِنَ الله تعالى لِمُذْنِبٍ، ولا مَحْمَدَةٌ لِمُحْسِنِ، ولا كان الْمُحْسِنُ أَوْلَى بِثَوَابِ الإِحْسَانِ مِنَ الْمُذْنِبِ، ذلك مَقَالُ إِخْوَانِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وجُنُودِ الشَّيْطَانِ، وخُصَمَاءُ الرَّحْمَنِ، وَهُمْ قَدَرِيَّةٌ هذه الأُمَّةِ ومَجُوسُهَا، وَلكِنَّ اللَّهَ تعالى أَمَرَ بالخيرِ تَخْيِيرًا، ونَهَى عَنِ الشَّرِّ تَحْذِيرًا، وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوبًا، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرَهَا، وَلَمْ يُمَلَّكْ تَفْوِيْضًا، ولا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا أَرَى فيها مِنْ عَجَائِبِ آيَاتِهِما بَاطِلًا {ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ٢٧}⁣[ص: ٢٧]؛ قال الشيخ يا أمير المؤمنين فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مَسِيرُنَا وتَصَرُّفُنَا؟ قال: ذَلِكَ أمْرُ اللهِ وحُكْمُهُ، ثم قرأ: {۞وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ}⁣[الإسراء: ٢٣](⁣٢). قال الحافظ السيوطي: والغلابي وشيخه كذابان.

  وأخرج ابن عساكر، واللالكائي⁣(⁣٣)، وابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن قبيصة بن جابر الأسدي⁣(⁣٤) قال: قام رجل إلى علي #، فقال: يا أمير


(١) التلعة: مجرى الماء من أعلى الوادي، والتلعة أيضًا ما انهبط من الأرض؛ فهي من الأضداد. مصباح ٥١.

(٢) تاريخ دمشق ٤٢/ ٥١٢، ونحوه النهج ٦٩٥ رقم ٧٨، وشرحه ٥/ ٣٥٨، وإعلام الأعلام ٣٤ رقم ١٢.

(٣) أبو القاسم هبة بن الحسن بن منصور الطبري، محدث، مصنف، ت: ٤٢٨ هـ، من مؤلفاته: كرامات أولياء الله، وأسماء رجال الصحيحين، وشرح اعتقاد أهل السنة، سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤١٩.

(٤) تابعي، وثقه ابن سعد وغيره، حضر الجمل مع الإمام علي #: ٦٩ هـ، روى له البخاري في =