الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 237 - الجزء 1

  المؤمنين ما الإيمان؟ قال: الإيمان على أربع دَعائِمَ على الصَّبْرِ، وَالْيَقِينِ، وَالْجِهَادِ، والْعَدْلِ، والصَّبْرُ على أَرْبَعِ شُعَب: على الشَّوْقِ، وَالشَّفَقَةِ، وَالزَّهَادَةِ، وَالتَّرَقُبِ: فَمَنِ اشْتَاقَ إلى الجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ، ومَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ بِالدُّنْيَا تَهَاوَنَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوتَ سَارَعَ إِلى الخَيْرَاتِ، والْيَقِينُ على أَرْبَعِ شُعَب: على تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وتَأْوِيْلِ الْحِكْمَةِ، وَمَوْعِظَةِ العِبْرَةِ، وسُنَّةِ الأولين: فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ، وَمَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ، وَالْعَدْلُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: على غَائِصِ الفَهم⁣(⁣١)، وزَهْرَةِ العِلْمِ، ورَوْضَةِ الْحِلْمِ: فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ، ومَنْ حَلْمَ لم يُفَرِّطُ أَمْرَهُ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيدًا، والْجِهَادُ على أَرْبَعِ شُعَبٍ: أَمْرِ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيِ عَنْ مُنْكَرٍ، وَالْصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ، وشَنَئانِ الْفَاسِقِيْنَ؛ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْمُنَافِقِ، ومَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِئَ الْفَاسِقِيْنَ وغَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ الله له؛ فَقَامَ السَّائِل عند هذا فَقَبَّلَ رَأْسَ عَلي #(⁣٢).

  وأخرج الطبراني في الأوسط - وقال: تَفَرَّدَ به عبد الرحمن بن مَغْرَاء⁣(⁣٣) - وأبو نعيم في الحلية، والديلمي عن ابن عمر، قال: قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب: يا أبا الحسن - رُبَّمَا شَهِدتَ وغِبْنَا، وربما شهدنا وغبت - ثَلَاثُ أسألك عنهن هل عندك مِنْهُنَّ عِلْمٌ؟ قال علي: ومَا هُنَّ؟ قال: الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ ولَمْ يَنَل منه خَيْرًا، والرَّجُلُ يُبْغِضُ الرجل ولم يَنَل منه شَرا! قال: نعم، قال: قال رسول الله ÷: إنَّ الأرواحَ في الهواء جنودٌ مُجَنَّدَةٌ تلتقى فتشَاءُ؛ فما تعارف


= الأدب، والنسائي. ينظر: طبقات ابن سعد ٦/ ١٤٥، وتهذيب الكمال ٢٣/ ٤٧٢.

(١) في نهج البلاغة ٦٨٦ على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم، ورساخة الحلم.

(٢) تاريخ ابن عساكر ٤٢/ ٥١٥، وشرح السنة ١/ ٥٤٤، والجامع الكبير ١٥/ ٢٣٤ رقم ٥٥٩٤، و ١٦/ ٤٣٢ رقم ٨٦٠١، وأمالي أبي علي القالي ٣/ ١٧١، ونهج البلاغة ٦٨٥، الحكمة رقم ٣٠.

(٣) ابن عياض الدوسي، محدث، روى له البخاري في الأدب، والباقون سوى مسلم. تهذيب الكمال ١٧/ ٤١٨.