الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 239 - الجزء 1

  أَجَلُهُ، ومَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ خَلَّفُوهُ في بيوتهم؛ فَمِنْ ثَمَّ يُقْتَلُ مِنْ أصحابك ولا يقتل منهم أحد؛ قال داود يا رب على ماذا عَلَّمْتَهُمْ؟ قال: على مجاري الشمس، والقمر، والنجوم، وساعات الليل والنهار؛ قال: فدعا اللهَ فَحُبِسَتِ الشَّمْسُ عليهم فزاد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار فلم يعرفوا قدر الزيادة؛ فاختلط عليهم حِسَابُهُمْ؛ قال علي #: فَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ النَّظَرُ في النجوم⁣(⁣١).

  قلت: فهذه المسائل والتَّكَتُ مِنْ معارفه # بذلك على أنه ارتقى من العلوم رتبةً تقاصرت دونها الرتب، وقَصُرَ عنها فرسان الأذكياء من العجم والعرب، فما هي إلا من الاختصاصات الإلهية، ومن فيوض العلوم النبوية، وحصر ما ورد من هذا النوع غير داخل تحت الإمكان، وإنما قصدنا نُكَت فيها دلالة على أنه في كل كمال عالي الشأن⁣(⁣٢). قوله:

  ٤٣ - كُلُّ عِلْمٍ فَإِلَيْهِ مُسْندٌ ... سَنَدًا عِنْدَ ذَوِي العِلْمِ عَلِيا

  إشارة إلى أنَّ العلومَ كُلَّهَا إليه تُسْنَدُ، ومِنْ بَحْرِهِ العَذب تُسْتَمَد.

  قال العلامة عبد الحميد بن أبي الحديد في ديباج شرح النهج ما لفظه: قد عَرَفْتَ أن أشرف العلوم هو العلم الإلهي؛ لأَنَّ شَرَفَ العِلْمِ شَرُفَ بِشَرَفِ الْمَعلوم؛ ومعلومه أشرفُ الموجوداتِ؛ فكان هو أَشْرَفَ العلوم؛ ومن كلامه # اقتبس، وعنه نقل، وإليه انتهى، ومنه ابتدأ؛ فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ الذين هم أهل التوحيد والعدل، وأرباب النظر، ومنهم تَعَلَّمَ الناسُ هذا الفَنَّ تلامذته وأصحابه؛ لأَنَّ كَبِيْرَهُمْ واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية، وأبو هاشم تلميذ أبيه، وأبوه تلميذه #.

  وأما الأشعرية: فإنهم ينتهون إلى أبي الحسن علي بن أبي بشر الأشعري⁣(⁣٣)، وهو


(١) الجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ١١١ رقم ٧٣٠٠. أقول: رحم الله السيد الأمير، ما فائدة هذه الأساطير؟!.

(٢) الأولى من هذا أن يقال: إنه تعلم من رسول الله ÷ الله علم الفلك فبرع فيه بدون إسرائيليات.

(٣) أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي إسحاق الأشعري اختلف في مولده فقيل: سنة ٢٦٠ هـ، وقيل: ٢٦٦ هـ، وقيل: ٢٧٠ هـ، ومذهب الأشاعرة في غالب مسائله وقضاياه لا يوافق كتب الأشعري. والْأَشَاعِرَةُ على التحقيق ليسوا على نهج واحد، توفي سنة ٣٢٤ هـ، وقيل: غير ذلك. ينظر: مقدمة =