(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)
  تلميذ أبي علي الجُبَّائي(١)، وأبو علي أحد مشائخ المعتزلة؛ فالأشعرية ينتهون بآخره إلى إسنادِ المعتزلة، ومُعَلِّمُهُمْ عَلِيُّ بن أبي طالب #. وأما الإمامية والزيدية فانتهاؤهم إليه ظاهر(٢).
  ومن العلوم: علم الفقه، وهُوَ # أَصْلُهُ وأَسَاسه، وكُلُّ فقيه في الإسلام فهو عِيالُ عليه، ومستفيد من فقهه، أما أصحاب أبي حنيفة |: كأبي يوسف ومحمد وغيرهما فَأَخَذُوا على أبي حنيفة |، وأما الشافعي |: فقرأ على محمد بن الحسن فرجع فقهه أيضًا إلى أبي حنيفة، وأما أحمد بن حنبل |: فقرأ على الشافعي فرجع فقهه أيضًا إلى أبي حنيفة، وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد #، وجعفر قرأ على أبيه؛ وينتهي الأمر إلى علي #، وأما مالك بن أنس |: فقرأ على ربيعة الرأي، وقرأ ربيعة على عكرمة، وقرأ عكرمة على عبدالله بن عباس، وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب، وإِنْ شِئْتَ رَدَدْتَ إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك كان ذلك لك؛ فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
  وأما فقهاء الشيعة فَرُجُوعُهُمْ إليه ظاهر، وأيضًا فإنَّ فقهاء الصحابة كانوا: عُمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس، وكِلَاهُمَا أَخَذَ عن علي #: أما ابن عباس | فظاهر، وأما عمر فقد عَرَفَ كُلُّ أَحَدٍ رُجُوعَهُ إليه في كثير من المسائل التي أَشْكَلَتْ عليه وعلى غيره من الصحابة، وقَوْلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ: «لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ»(٣)، وقَوْلَهُ: «لا بَقِيْتُ لِمُعْضِلَةٍ ليس لها أَبُو الْحَسَنِ»، وَقَوْلَهُ: «لَا يُفْتِيَنَّ أَحَدٌ في المسجدِ وعَلِيُّ حَاضِرُ»؛ فقد عرفت بهذا الوجه أيضًا انتهاء الفقه إليه، وقد رَوَتِ الخاصة والعامَّةُ قَوْلَهُ ÷: «أَقْضَاكُمْ عَليَّ»؛ والقضاء هو الفِقْهُ؛ فَهْوَ إِذَا أَفْقَهُهُمْ، وَرَوَى الكُلُّ أنه عليه الصلاة والسلام قال له وقد بعثه إلى اليمن
= الإبانة عن أصول الديانة للأشعري، تحقيق الأستاذ العلامة المحقق الحسن السقاف ٥٥.
(١) في أخذ الأشعري على أبي علي الجبائي نَظَرُ. ينظر: الإبانة بتحقيق حسن بن علي السقاف ص ١٠.
(٢) شرح نهج البلاغة ١/ ٣٦.
(٣) فرائد السمطين ١/ ٣٥٠ رقم ٢٧٦، والرياض النضرة ٢/ ١٩٤.