الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 248 - الجزء 1

  فَخَطَبْتُهَا، فقال النبي ÷: قد أمرني ربي بذلك! قال أنس: ثم دعاني رسول الله ÷ بعد أيام ثم قال: يا أنسُ اخْرُجْ وادْعُ لي أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير، وبعدة من الأنصار؛ قال فَدَعَوْتُهُمْ، فلما اجتمعوا عنده ÷ كلهم، وأخذوا مجالسهم - وكان عليٌّ # غَائِباً في حاجة النبي ÷ فقال النبي ÷: «الحمد لله المحمود بنعمته والمعبودِ بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطواته، النافذ أَمْرُهُ في سمائِهِ وأَرْضِهِ، الذي خلق الخلق بقدرته، ومَيَّزَهُمْ بأحكامه، وأَعَزَّهُمْ بِدِيْنِهِ، وأَكْرَمَهُمْ بِنَبِيِّهِ محمد ÷، إِنَّ الله تباركَ اسْمُهُ وتَعَالَتْ عَظَمَتُهُ جعل الْمُصَاهَرَةَ سببًا لاحقا، وأَمْرًا مفترضًا، أَوْشَجَ به الأَرْحَامَ، وأَلْزَمَ الأَنَامَ، فقال عز من قائل: {وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا ٥٤}⁣[الفرقان: ٥٤]، فأَمرُ الله تعالى يَجْرِي إِلى قَضَائِهِ، وَقَضَاؤُهُ يجري إلى قَدَرِهِ ولِكُلِّ قَضَاءٍ قَدَرٌ، ولِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلُ: {لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ ٣٨ يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ ٣٩}⁣[الرعد: ٣٩]، ثُمَّ إِنَّ الله تعالى اسْمُهُ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ بنت خديجةَ مِنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب؛ فاشهدوا أني قد زَوَّجْتُهُ على أربعمائة مثقال فضة إِنْ رَضِيَ بذلك عَلى بن أبي طالب، ثم دعا ÷ بِطَبَقٍ مِنْ بُسْرٍ، فَوُضِعَتْ بين أيدينا، ثم قال: انتهبوا؛ فانتهبنا، فبينما نحن ننتهب إذ دخل علي # على النبي ÷، فتبسم النبي ÷ في وجهه، ثم قال: إِنَّ الله تعالى أمرني أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ عَلَى أربعمائة مِثْقَالِ فِضَّة إن رضيت بذلك، قال: قَدْ رَضِيْتُ بِذَلِكَ يا، يا رسول الله، قال أنس: فقال النبي ÷: «جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَكُمَا، وَأَسْعَدَ جَدَّكُمَا، وبَارَكَ عَلَيْكُمَا، وأَخْرَجَ مِنْكُمَا كَثِيرًا طَيْبا»⁣(⁣١)، قال أنس: فوالله لَقَدْ خَرَجَ مِنْهُمَا


(١) ذخائر العقبى عن القزويني ص ٣٢ - ٢٩، وما يقاربه في الطبراني في الكبير ٢٢/ ٤١٠ رقم ١٠٢٢، ومناقب ابن المغازلي ص ٢٨٢ رقم ٣٩٨ عن أبي الخير القزويني، ومجمع الزوائد ٩/ ٢٠٩، وأسد الغابة ٧/ ٢١٧، وفرائد السمطين ١/ ٩٠، وتاريخ دمشق ٤٢/ ١٢٨، والجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ٣١٤ رقم ٨١١٠.