الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

[فضائل الزهراء &]

صفحة 254 - الجزء 1

  لها إِحْدَاهُنَّ: أنا أمك حواء، وقالت الأخرى: أنا آسية بنتُ مُزاحِم، وقالت الأخرى: أنا كَلْتَمُ أُخْتُ موسى، وقالت الأخرى: أنا مريمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أُمُّ عيسى لِنَلي من أمرك ما يلي النساء قالت: فولدت فاطمة & فوقعت على الأرض سَاجِدَةً رَافِعَةً إصبعها⁣(⁣١).

  وأما ما ورد في كرامتها على الله تعالى فما أخرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي عن أبي سعيد قال: قال علي # ذات يوم: يا فاطمةُ هل عندك مِنْ شَيْءٍ تُغَدِّيْنِيْهِ؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصْبَحَ عندي شَيءٌ منذ يومين إلا شَيْءٌ أَوْثِرُكَ به على بطني وعلى ابْنَيَّ هَذَيْن!: قال يا فاطمةُ أَلا أَعْلَمْتِنِي حتى أَبْغِيْكُمْ شَيْئًا؟! قالت: إني أَسْتَحيي مِنَ اللهِ أن أكلفك ما لا تقدر عليه! فخرج من عندها وَاثِقَا بالله، حَسَنَ الظَّنِّ به؛ فاستقرض دينارًا، فَبَيْنَا الدينار في يده أراد أن يبتاع لهم ما يَصْلُحُ لهم إذ عَرَضَ له المقداد في يوم شديد الحر قد لَوَّحَتْهُ الشمسُ مِنْ فَوْقِهِ وَآذَتْهُ مِنْ تَحْتِهِ، فلما رآه أَنْكَرَهُ، وقال: يا مقداد ما أزعجكَ مِنْ رَحْلِكَ هذه الساعة؟ قال: يا أبا الحسن خَلٌّ سَبِيْلي ولا تسألني عما ورائي! قال: يا بن أخي إنه لا يَحِلُّ لك أن تكتمني حالك، قال: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فوالذي أَكْرَمَ مُحَمَّدًا بالنبوة ما أزعجني من رحل إلا الْجَهْدُ، ولقد تركتُ أهلي يبكون جوعًا! فلما سَمِعْتُ بُكَاءَ العيالِ لم تحملني الأرضُ فَخَرَجْتُ مَغْمُومًا رَاكِبًا رَأْسِي! هذا حالي وقصتي؛ وهَمَلَتَا عَيْنَا عَلَيّ # بالبكاء حتى بَلَّتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ، ثم قال #: أَحْلِفُ بالذي حَلَفْتَ به ما أزعجني غَيْرُ الذي أزعجك؛ ولَقَدِ اقْتَرَضْتُ دِينَارًا فهاك، وأُوثِرُكَ به على نفسي، ودفع إليه الدينار، ورجع حتى دخل على النبي ÷، فلما قضى النبي ÷ صلاة المغربِ مَرَّ بِعَلِيّ في الصف الأول وغمزه برجله؛ فسار خلف النبي ÷ حتى لَحِقَهُ عند باب المسجد، ثم قال: يا أبا الحسن


(١) ذخائر العقبي ص ٤٥ عن الملا في سيرته من القصص التي تحاك حول العظماء.