ذكر كرامات من كراماته #:
  وأخرج منصور بن عمير بأكمل من الرواية الأولى، عن أبي محمد الهلالي قال: شَرَكَ منا رجلان في دم الحسين بن علي @: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَابْتُلِيَ بالعطش، فكان لو شرب راوية ما روي! قال: وأَما الآخر فابْتِي بِطُولِ ذَكَرِهِ، وكان إذا ركب الفرس يلويه على عنقه كأنه حبل! قلت: ورواه الطبراني، ورجاله ثقات.
  وأخرج أحمد في المناقب عن أبي رجا أنه كان يقول: لا تَسَبُّوا عَلِيًّا ولا أهل هذا البيت؛ إِنَّ جَارًا لنا من بني الجهيم قدم من الكوفة فقال: ألم تَرَوْا هذا الفَاسِقَ بْنَ الفَاسِقِ؟ إِنَّ اللهَ قَتَلَهُ - يعني الحسين #؛ فرماه الله بكوكيين في عينيه، فَطَمَسَ الله بصره! قلت: هذا لفظ المحب ورواه الطبراني أيضًا، ورجاله ثقات(١).
  وأخرج ابن الجراح(٢) عن السدي، قال: أتيتُ كربلاء لأَبِيعَ بها، فَعَمِلَ لنا شيخ من طَيِّء طعامًا فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين #، فقلت: ما شَرَكَ أحد في قتل الحسين إلا مات بِأَسْوَاً مِيتَةٍ! قال: وآيات ظهرتْ لِمَقْتَلِهِ، قال: ما أَكْذَبَكُمْ يَا أهل العراق! أنا ممن شرك في ذلك، فلم نَبْرَحْ حتى دنا من المصباح وهو ويَتَّقِدُ بنفط، فذهب يُخْرِجُ الفتيلة بأصبعه؛ فأخذتِ النار فيها؛ فذهب يُطْفِيهَا بِرِيْقِهِ؛ فأخذتُ النارُ بِلِحْيَتِهِ! فَعَدَا فألقى نفسه في الماءِ فَرَأَيْتُهُ كأَنه حُمَةٌ!(٣).
  وأخرج ابن منصور(٤) عن عمار عن أبي قبيل(٥)، قال: لما قتل الحسين بن علي @ بُعِثَ برأسه إلى يزيد، فنزلوا أَوَّلَ مرحلةٍ فجعلوا يشربون ويَتَحَيَّوْنَ بالرأس، فبينما
(١) فضائل الصحابة ٢/ ٧١٠ رقم ٩٧٢، والذخائر ١٤٥، والطبراني في الكبير ٣/ ١١٢ رقم ٢٨٣٠.
(٢) أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي، ولد سنة ٣٠٢ هـ، محدث، أوحد زمانه في علم المنطق والعلوم القديمة، وله مؤلف بالفارسية، توفي سنة ٣٩١ ÷، قلت: وقد نقل الطبري في الرياض من جزء من حديثه. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٦/ ٥٤٩.
(٣) تاريخ دمشق ١٣/ ٢٣٣، ٢٣٤.
(٤) تاريخ دمشق ١٤/ ٢٤٤ وتهذيب الكمال ٦/ ٤٤٣: نا السري بن منصور بن عمار، عن أبيه، عن ابن لهيعة، وأبو السري منصور بن عمار بن كثير، واعظ بليغ زاهد، ت: في حدود المائتين. سير أعلام النبلاء ٩/ ٩٧.
(٥) حيي بن هانئ بن ناضر، يماني، قدم واستطون مصر، وثقه أحمد، توفي سنة ١٢٨ هـ، سير أعلام النبلاء ٥/ ٢١٤، وتهذيب الكمال ٧/ ٤٩٠.