ذكر كرامات من كراماته #:
  أَبواهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيـ ... ـشِ وَجَدهُ خَيْرُ الْجُدُودِ(١)
  قلت: وقد كان قتل الحسين سلام الله عليه ورِضْوَانهُ مِنْ أَعْظَمِ فَوَاقِرِ الإسلام، ومِنْ أَشَدَّ مَصَائِبِهِ العِظَام، ولَعْنَةُ الله على قَاتِلِهِ، والآمِرِينَ بِهِ، والرَّاضِيْنَ، وَالْفَرِحِيْنَ، والمُعِيْنِيْنَ، ولَعْنَةُ الْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ إلى يوم القيامة، وقد تَبَرَّأَ منهم كُلُّ مَنْ في قلبه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِسْلَام.
  وأخرج البيهقي بإسناده أنه لما طُلِبَ رَأْسُهُ الشَّرِيفُ بِالشَّامَ أَخْفَى خَالِدُ بْنُ عَفْرَاءَ شَخْصَهُ مِنْ أصحابه، وهو من أفاضل التابعين؛ فَطَلَبُوهُ شَهْرًا حتى وجدوه، فَسَأَلُوهُ عَنْ عُزْلَتِهِ فقال: مَا تَرَوْنَ مَا نَزَلَ بِنَا؟ ثم أنشأ [يقول]:
  جَاؤُوا بِرَأْسِكَ يَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ... مُتَزَمَّلًا بِدِمَائِهِ تَزْمِيْلا
  فَكَأَنَّمَا بِكَ يَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ... قَتَلُوا جِهَارًا عَامِدِينَ رَسُولا
  قَتْلُوكَ عَطْشَانًا وَلَمْ يَتَرَقبُوا ... فِي قَتْلِكَ التَّنْزِيلَ وَالتَأْوِيلا
  ويُكَبِّرُونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وَإِنَّمَا ... قَتَلُوا بِكَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلا(٢)
  قال ابن دحية(٣) - أَحَدُ أئمة السُّنَّةِ والحفاظ - في كتابه (العلم المشهور في ذكر يوم عاشور)(٤) بعد أن سرد القصة: واعْجَبُوا رحمكم الله من الأُمم الذين كانوا من قبلكم - وقد فضل الله أمة محمد ÷: مِنْهُمُ المجوس يعظمون النار؛ لأنها صارت بَرْدًا وسَلَامًا على إبراهيم، والنصارى يُعَظَّمُونَ الصَّلِيبَ لادعائهم أنه مِنْ جِنْسِ العُودِ الذي صُلب عليه ابن مريم، وابْنُ مَرْجَانَةَ وَأَصْحَابُهُ العِدَا - قَتَلُوا الحسينَ بْنَ نَبِي الْهُدَى، ولم يَلْتَفِتُوا إلى قَوْلِ أصدق القائلين: {قُل لَّا
(١) الطبراني في الكبير ٣/ ١٢١ رقم ٢٨٦٦٢٨٦٥، وتاريخ دمشق ١٤/ ٢٤١.
(٢) تاريخ دمشق ١٦/ ١٨٠ أخبرنا أبو محمد عبدالجبار: بن محمد بن أحمد البيهقي في كتابه مناقب آل أبي طالب ٤/ ١٢٧ بإسناده.
(٣) أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي البستي، ولد سنة ٥٤٤ هـ، محدث لغوي، فقيه ظاهري المذهب، تولى قضاء دانية مرتين، توفي سنة ٦٣٣ هـ، وله العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور، والمطرب في أشعار أهل المغرب، وغيرهما. سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٣٨٩.
(٤) منه نسختان بمكتبة الجامع الكبير، وقد نقل كلام ابن دحية ابن الوزير في الروض الباسم ٢/ ٣٩ - ٤٠.