الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

[ذكر ورعه #]

صفحة 315 - الجزء 1

  دَرَاهِمَ! أخرجه صاحب الصفوة، انتهى ما ذكره المحب⁣(⁣١).

  ومِنَ الإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا: احْتِمَالُهُ ضِيقَ العيش مع الصبر الجميل: كما أخرج أحمد بن حنبل من حديث علي #، قال: جُعْتُ مَرَّةً في المدينة جوعًا شديدًا، فخرجتُ أَطْلُبُ العمل في عوالي المدينة، فإذا بِامْرَأَةٍ قد جَمَعَتْ مَدَرًا فظننتها تريد بَلَّهُ، فَأَتَيْتُهَا فَقَاضَيْتُهَا كُلَّ دَلْوِ بتمرة، فَمَدَدْتُ ستة عشر ذُنُوبَا حتى مَجَلَتْ يَدَايَ، ثم أَتَيْتُهَا فقلتُ، بكلتا يديَّ هكذا بين يديها - وبسط إسماعيل راوي الحديث يديه جميعًا - فَعَدَّتْ لي ست عشرة تمرة، فَأَتَيْتُ النبي ÷ فأخبرته، فَأَكَل معي منها، وقال لي خَيْرًا ودَعَا لي، وأخرجه صاحب الصفوة⁣(⁣٢).

  وأخرج الدولابي في الذرية الطاهرة في مسند أسماء بنت عميس، عن فاطمة بنت رسول الله ÷: أَنَّ رسولَ اللهِ أتاها يومًا فقال لها: أين ابْنَايَ؟ يعني حسنًا وحسينًا، قالت: قلتُ: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذَائِقٌ، فقال عَلِيُّ: أَذْهَبُ بهما؛ فإني أتخوفُ أن يبكيا عليك وليس عندك شَيْءٌ، فذهب بها إلى فلان اليهودي، فَوَجَّهَ إِليه رسولُ اللهِ ÷ فَوَجَدَهُمَا يلعبان في مَشْرَبَةٍ بين أيديهما فضل من تمر، فقال: يا عَلى أَلا تَقْلِبُ ابْنَيَّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ الحَرُّ عليهما! فقال علي: أصبحنا وليس في بيتنا شيء، فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة تمرات! فجلس رسول الله ÷ وعَلى يَنْزِعُ لليهودي كُلَّ دَلْوِ بتمرة، حتى اجتمع له شيء من تمر فجعله في حُجْزَتِهِ، ثم أقبل فَحَمَلَ رسولُ الله ÷ أَحَدَهُما وعلى الآخر⁣(⁣٣).

  وأخرج العدني عن محمد بن كعب القرظي أنَّ أهل العراق أصابتهم أزمة، فقام


(١) صفوة الصفوة ١/ ١٣٥، الذخائر ص ١٠٨.

(٢) مسند أحمد ١/ ٢٨٦ رقم ١١٣٥، وفضائل الصحابة ٢/ ٨٩٣ رقم ١٢٢٩، والجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ٢٧٦ رقم ٧٩٤١، وحلية الأولياء ١/ ١١٢ رقم ٢٢١، وصفوة الصفوة ١/ ١٣٥.

(٣) الذرية الطاهرة ١٤٣، والذخائر ١٠٤ ١٠٥. وهذه الروايات لا تصح؛ لأنها ليست فضائل، بل هي إساءة وتصوير لخاتم المرسلين وابن عمه الإمام البطل عاجزين ضعيفين لا يقدران على توفير عيش كريم؛ والله يقول: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ}⁣[المؤمنون: ٥١]! لا أظنه وأمثاله صحيحًا! والله أعلم.