الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

[ذكر ورعه #]

صفحة 316 - الجزء 1

  علي بن أبي طالب فيهم فقال: أيها الناس أَبْشِرُوا فوالله إني لأرجو ألا يمر عليكم إلا يسير حتى تروا ما يَسُرُّكُمْ من الرَخَاءِ واليُسْرِ، قَدْ رَأَيْتُنِي مَكَثْتُ ثلاثة أيام من الدهر ما أَجِدُ شَيْئًا آكله حتى خشيت أن يقتلني الجوع؛ فَأَرْسَلَتْ فاطمة إلى رسول الله ÷ تَسْتَطْعِمُه لى! فقال: يا بُنَيَّة والله ما في البيتِ طعام يأكله ذو كَبِدِ إلا ما ترين - لِشَيْء قليل بين يديه، ولكن ارْجِعِي فسيرزقكما الله، فلما جاءتني فأخبرتني انقلبتُ وذهبتُ حتى أتيتُ بني قريظة، فإذا يهودي على شَفَةِ بئر فقال: يا أعرابي هل لك أن تسقي لي نَخْلِي وأُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: نعم، فبايعته على أن أنزع له كل دلو بتمرة، فجعلت أنزع، فكلما نزعت دلوا أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت يدي من التمر قعدت فأكلتُ وشربتُ من الماء، ثم قلتُ: يالك بَطْنا! لقد لقيتُ اليوم ضُرَّا، ثم نزعتُ مِثْلَ ذلك لابنة رسول الله ÷، ثم وضعتُ، ثم انقلبتُ رَاجِعًا حتى إذا كنت ببعض الطريق إذا أنا بدينار ملقى، فلما رأيته وقفتُ أنظر إليه، وأُوَامِرُ نَفسي أَخُذُهُ أَم أَذَرُهُ؟! فَأَبَتْ نفسي إلا أَخْذَهُ، وقلتُ: أَسْتَشِيرُ فيه بنت رسول الله ÷، فأخذته، فلما جنتها وأخبرتها الخبر قالت: هذا رزقٌ مِنَ الله فَانْطَلِقْ فَاشْتَرِ لنا دقيقًا؛ فَانْطَلَقْتُ حتى جِئْتُ السُّوقَ، فإذا بيهودي من يهود فدك قد جمع دقيقًا من دقيق الشعير فاشتريت منه، فلما اكتلْتُ قال: ما أنت من أبي القاسم؟ قلت: ابْنُ عَمِّي وابْتُهُ امْرَأَتِي؛ فأعطاني الدينار! فَجِئتْها فأخبرتها الخبر، فقالت: هذا رزق من الله ø، فَاذْهَبْ فَارْهَنْهُ بثمانية قراريط ذَهَب في لحم، ففعلتُ، ثم جئتها به فقطعته لها، ونصبت ثم عَجَنَتْ وخَبَزَتْ، ثُمَّ صَنَعْنَا طَعَامًا، وأَرْسَلْتُهَا إلى رسول الله ÷ فجاءنا، فلما رأى الطعام قال: ما هذا؟! ألم تَأْتِني آنفًا تسألني!؟ فقلنا: بلى اجلس يا رسول الله نُخْبِرْكَ الخَبَرَ! فَإِنْ رَأَيْتَهُ طَيِّبَا أكلت وأكلنا، فأخبرناه الخبر فقال: هو طَيِّبُ فَكُلُوا بِاسْمِ اللهِ، ثُمَّ قام رسول الله ÷ فخرج وإذا هو بأعرابية تشتد كأنه نُزِعَ فُؤَادُهَا فقالت: يا رسول الله إنه كان معي دينار فسقط مني، والله ما أدري أين سقط؟ فَانْظُرْ بأبي وأمي أن يُذْكَرَ لك، فقال ÷: ادْعُوا لي علي بن أبي طالب، فجئته فقال: اذهب إلى الجزار فقل له: إنَّ رسول الله