ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #
  فَضْلِهِ، وأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، ويُظْهِرَ في الخافقين أَعْلَامَ فَضْلِهِ عَلَى رُغْمِ أَنْفِ كُلِّ مُعَانِد، وقد أطال أهل التاريخ في ذلك بما هو معروف حتى بَلَغَ مِنْ عداوتهم كراهةُ التَّسَمِّي باسْمِهِ الشريف: كما حُكِي عن جد الأصمعي(١) أنه شكا على الحجاج بن يوسف فقال: إِنَّ أَهْلِي عَقُونِي! قال: بماذا؟ قال: سَمَّوْنِي عَلِيًّا؛ فَوَلَّاهُ الحجاج بعض أعماله، وغَيَّرَ اسْمَهُ مُكَافَأَةً على ما تَلَطَّفَ به إليه! وفي شرح النهج أن عمر بن عبد العزيز ¥، قال: كُنْتُ أَحْضُرُ تحتَ مِنْبَرِ المدينة وأبي يَخْطُبُ يومَ الجمعةِ وهو يومئذ أمير المدينةِ، فكنتُ أسمعُ أبي يَمُرُّ في خُطْبَتِهِ تَهْدِرُ شَقَاشِقُهُ حَتى يَأْتِي إِلى لَعْن علي # فَيَتَجَمْجَمُ، وتَعْرِضُ له مِنَ الفَهَاهَةِ والحَصَر مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ! فَكُنْتُ
=
- قتله لحجر بن عدي الصحابي الجليل العابد؛ لامتناعه عن سب الإمام علي #، واعتراضه على سبه. تاريخ الطبري ٤/ ١٨٨، وابن الأثير ٢/ ٤٩٧ - ٥٠٠، ومروج ا الذهب ٣/ ١٣.
- دَفْنُ عبد الرحمن بن حسان الغزي حَيَّا؛ لامتناعه عن سب الإمام علي # الطبري ٤/ ٢٠٦، والكامل لابن الأثير ٣/ ٤٨٩.
- قتل شيعة علي تحت كل شجر وحجر، وأمعن ولاته كزياد بن أبيه، وسمرة بن جندب، وغيرهم. يراجع في ذلك كتب التاريخ قاطبة.
- مَنْعُ العطاء عن المسلمين حتى يشهدوا على علي بالنفاق، ويتبرؤوا منه، وأَخَذَ عليهم في ذلك الطلاق والعتاق وأيمان البيعة، كما ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧/ ١٣٠، ١٣١.
عَانَدُوا أَحْمَدًا وَعَادَوْا عَلِيَّا ... وتولوا منافقا وغويا
وأسرا سب النبي نفاقا ... حين سبوا جهرا أخاه عَليًّا
واستمر لعن علي # على المنابر حتى عام ٩٩ هـ في خطب الجمع والأعياد، بل وصل طغيان بني أمية إلى حد أن مروان بن الحكم خالف شريعة الله، وقدم خطبة العيد على الصلاة؛ لأن الناس كانوا يصلون وينفرون من سماع سب الإمام علي # حتى أزالها أشج بني أمية عمر بن عبد العزيز |؛ فقد ذكر الذهبي في أعلام النبلاء ٥/ ١٤٧، قال ابن سعد: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلا ¥، فلما ولي هو - عمر بن عبد العزيز - أمسك عن ذلك، فقال كثير عزة الخزاعي:
وَلِيتَ فلم تَشْتِمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ ... بريا ولم تتبع مقاله مجرم
تَكَلَّمْتَ بِالْحَقِّ المُبِينِ وَإِنَّما ... تُبَيَّنُ آيَات الهدى بالتَكَلُّمِ
فَصَدَّقْتَ مَعْرُوفَ الذي قُلْتَ بِالَّذِي ... فَعَلْتَ فَأَضْحَى رَاضِيَا كُلُّ مُسْلِمِ
أَلا إِنَمّا يكفي القنا بعد زيغه ... منَ الأَوَدِ الْبَادِي ثِقَافُ المُقَوم
(١) عبد الملك بن قريب. شرح النهج ١/ ٧٧٩، والنصائح الكافية ٩٩، وفي سير أعلام النبلاء ٥/ ١٠٢ عن أبي عبدالرحمن المقري: كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسْمُهُ عَلى قَتَلُوهُ، فبلغ ذلك رَبَاحًا فَغَيَّرَ اسْمَ ابْنِهِ.