ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #
  أخرجت لمعاوية؟ فقال: ما أُخْرِجُ له! (لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ)! فَدَاسُوا بَطْنَهُ بأقدامهم حتى هلك [| وجَزَاهُ خَيْرًا].
  وناهيك أنه مَلَكَ بنو أمية الأمْرَ قَرِيبَ المائةِ السَّنَةِ، وتَقَرَّبَ إليهم المتقربون بِذَمِّهِ وانْتِقَاصِهِ - صانه الله وأخزاهم - ولا يرفعون قَدْرًا لغير منْ أتى بذلك؛ فكيف تنشر له فضيلة، أو يرويها أحد، فَبِحَقِّ أَقُولُ: مَا ظَهَرَ منها ما ظهر مع المبالغة في طَيَّهِ إِلَّا لِمَا ضَمِنَهُ الله مِنْ حِفْظِ السنة النبوية: كما ذكره المحققون أنه تعالى ضَمِنَ حِفْظُ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وسُنَّةِ نَبِيِّهِ عليه الصلاة والتسليم، وفَضَائِل الوَصِيُّ مِنَ السُّنَّةِ؛ لأنها من الأقوال النبوية.
  روى الكلبي في سياق قِصَّةٍ أَنَّ الحجاج قال لعبد الله بن هانئ وهو رجل من أدَدَ: وما أُدَد؟ مُنتَقِصًا لهم! فقال عبد الله بن هانئ لا تقل - أصلح الله الأمير: ذاك؛ فَإِنَّ لها مناقبَ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ من العرب، قال: وما هي؟ قال: ما يُسَبُّ عندنا أمير المؤمنين عبد الملك في نَادٍ لنا قط، قال: مَنْقَبَةٌ واللهِ! قال: وشَهِدَ منا صفين مع أمير المؤمنين معاوية سبعونَ رَجُلًا، وما شهد منا مع أبي تراب إلا رجل وكان والله ما عَلِمْتُهُ امْرَأَ سَوْءٍ، قال: مَنْقَبَةُ واللَّهِ! قَالَ: وَمِنَّا نِسْوَةٌ نَذَرْنَ إِنْ قتل الحسين بن علي # أَنْ تَنْحَرَ كُلُّ وَاحِدَةٍ قَلَائِصَ فَفَعَلْنَ، قال: مَنْقَبَةٌ والله! وقال: وَمَا مِنَّا رَجُلٌ يُعْرَضُ عليه شَتْمُ أبي تراب وَلَعْنِهِ إِلَّا فَعَلَ، وَزَادَ ابْنَيْهِ حَسَنًا وحُسَيْنًا وأُمَّهُمَا فاطمة، قال: مَنْقَبَةٌ والله! انتهى(١).
  فانظر إلى هذا الجبار العنيد، وهذا الجهولِ الحِمَارِ البليد، وما طفح على ألسنتهما الحقيقة بالعذاب الشديد! فهل يَأْمَنُ أَحَدٌ أن يذكر منقبة للوصي سلام الله ورضوانه عليه؟! وهذا اعتقاد أمير العراقين الذي ما بَرِحَ سيفه يقطر من
(١) ذكره في شرح النهج لابن أبي الحديد ١/ ٧٨١، وتكملة للرواية: ثم قال عبد الله بن هاني: وما أحد من العرب له من الصباحة والملاحة ما لنا! فضحك الحجاج، وقال: أما هذه يا بن هانئ فدعها، وكان عبد الله دميمًا شديد الأُدْمَةِ مَجْدُورًا، في رأسه نتوء، مائل الشدق، أحولُ قبيح الوجه، شديد الحول. انتهى من شرح النهج.