الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #

صفحة 382 - الجزء 1

  مُهج الصالحين، وما زال سِجْنُهُ مَمْلُوءًا بالمتقين!؟

  وروى عطاء عن عبد الله بن شداد بن الهادِ، قال: وَدِدتُّ أَنْ أُتْرَكَ وَأُحَدِّثَ بفضائل علي بن أبي طالب يَوْمًا إلى الليل، وأَنَّ عنقي ضُرِبَتْ بِالسَّيْفِ!

  قال أبو جعفر: وقد صَحَ أَنَّ بني أمية مَنعُوا مِنْ إظهار فضائل علي #، وعاقبوا على ذلك، حتى إِنَّ الرَّجُلَ كان إِذَا رَوَى عنه حَدِيثًا لَا يَتَعَلَّقُ بفضائله بل بشرائع الدين لا يَتَجَاسَرُ على ذِكْرِ اسمه! بل يقول: عن أبي زينب! وما زال ذلك أيضًا في الدولة العباسية، سِيَّما في أيام الملقب بالمتوكل الذي بلغ من شقاوته وبُغْضِهِ لأمير المؤمنين، وأولاده $ أَنْ هَدَمَ قَبْرَ الحسين السبط سلام الله عليه وعَفَّى أَثْرَهُ، وأجرى عليه الماء⁣(⁣١)، حتى قال ابن بسام⁣(⁣٢) ¦:

  تَاللهِ إِنْ كَانَتْ أُمَيَّةُ قَدْ أَتَتْ ... قَتَلَ ابْنِ بِنْتِ نَبِيَّهَا مَظْلُومَا

  فَلَقَدْ أَتَاهُ بَنُو أَبِيهِ بِمِثْلِهِ ... هذا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُومَا

  أَسِفُوا على أَنْ لَا يَكُونُوا شَارَكُوا ... فِي قَتْلِهِ فَتَبَعُوهُ رَمِيما⁣(⁣٣)

  وقال المتوكل للعلامة النَّحْوِي ابْنِ السَّكِّيتِ - وكان يُعَلِّمُ وَلَدَيْهِ في بعض


(١) أحداث سنة ٢٣٦ للهجرة في تاريخ الطبري ٩/ ١٨٥، وتاريخ الكامل لابن الأثير ٥/ ٢٨٧: إن المتوكل أمر بهدم قبر الإمام الحسين #، وهدم ما حوله من المنازل، وزرع مكان قبره، وأجرى الماء عليه، ومنع زيارته، وكان شديد البغض للإمام علي #، وكان المغنون يسخرون من علي # ويحطون من قدره بألفاظ ومحاكاة مزرية، وكان جلساؤه من النواصب وبقايا بني أمية، وكان آخر أمره أن قُتِلَ على أيدي عبيده، فقال في ذلك علي بن الجهم:

عبيد أمير المؤمنين قتلنه ... وأعظم آفات الملوك عبيدها

بني هاشم صبرًا فكل مصيبة ... سَيَبْلَى عَلى وجه الزمانِ جديدها

انتهى من كامل ابن الأثير ٥/ ٢٨٧، والطبري ٩/ ١٨٥.

(٢) أبو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادي من أعيان الشعراء ومحاسن الظرفاء في الهجاء، لم يسلم منه أمير ولا وزير، ت: ٣٠٢ هـ، وقيل: سنة ٣٠٣ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٣٥٢، وسير أعلام النبلاء ١٤/ ١١٣.

(٣) وفيات الأعيان ١/ ٣٥٣، ونسمة السحر ٢/ ٣٨٩، والكنى والألقاب ١/ ٢٢٥، وأدب الطف ١/ ٣٢٧، وابن بسام/ قطعة ١٢٣.