(ذكر شفقة النبي ÷ على علي #، ورعايته له، ودعائه له)
  باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد(١).
  وفي بَعْض الروايات تكرير إنك حميد مجيد في آخر الصلاة، وفي آخر البركة، وفي أَكْثَرِهَا عَدَمُ الْوَصْفِ بالنَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وفي بعضها الوَصْفُ بها مع زيادة: وعلى أزواجِهِ أُمَّهَاتِ المؤمنين، وعلى أهل بَيْتِهِ وذُرِّيَّتِهِ، وفي بَعْضِهَا نَقْصُ وعلى آلِ محمد، وكذلك على إبراهيم، فَبِأَيْهَا أَخَذْتَ أَصَبْتَ السُّنَّةَ(٢). ودَخَلْتَ فِي زُمْرَةِ
(١) البخاري ٣/ ١٢٣٣ رقم ٣١٩٠، ورقم ٤٥١٩.
(٢) الشفاء للقاضي عياض ٢/ ١٦٠، ١٨٩، والدر المنثور للسيوطي ٥/ ٤٠٦ - ٤١٣. وإذا حذفت الآل لم تصب السنة. وقد نجح معاوية ومدرسته نجاحًا باهرًا في حذف الآل. قال الشيخ المحدث المسند عبدالحي بن عبد الكبير محمد الكتاني في السر الخفي الامتناني الواصل إلى ذكر الراتب الكتاني ص ١٧٣: الصلاة على الآل من أعظم المؤكدات، وأشرف الطاعات. قال في ذخيرة الخير: ليس فضل الصلاة عليه ÷ كفضل الصلاة عليه وعلى آله معا؛ لأن الصلاة على الآل سُنَّةٌ مُسْتَقِلَةٌ، ورَدَ النص النبوي بطلبها في صحاح الأحاديث، ونص عليها الأئمة، واستعملها ÷ كذلك في جميع ما ورد عنه من صيغ الصلاة. قال ابن الجزري في مفتاح الحصن: والاقتصار على الصلاة عليه ÷ لا أعلمه ورد في حديث مرفوع إلا في سنن النسائي في آخر دعاء القنوت، وفي سائر صفة الصلاة عليه ÷ العطف بالآل. اهـ. وفي نزل الأبرار، بالعلم المأثور من الأدعية والأذكار، وحديث: «لا تُصَلُّوا عَلَيَّ الصلاة البتراء» إن صح كان من الأدلة القاضية بمنع ترك الصلاة على آل رسول الله ÷ عند الصلاة عليه بعد ثبوت تفسير الصلاة البتراء بالصلاة التي ترك فيها ذكر الآل. قال السخاوي في القول البديع: لم أقف على إسناده، وأخرجه أبو سعيد في «شرف المصطفى». اهـ. ومن الأدلة على ذلك: ما رواه السمهودي في جوهر العقدين، في فضل الشرفين من حديث سيدنا علي كرم الله وجهه قال: «الدعاء محجوب حتى يُصَلَّى على محمد وأهل بيته». أخرجه الديلمي. وفيه أيضًا عن أبي مسعود البدري: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صلاة لم يُصَل فيها على أهل بيتي لم تقبل منه» أخرجه الدارقطني، والبيهقي وغيرهما. انتهى من نزل الأبرار. وقال في عون الباري، لحل أدلة البخاري ... ما نصه: وكذا اطرد لأئمة الحديث في مؤلفاتهم في القديم والحديث حذف الآل عن الصلاة على خاتمة أهل الإرسال وهم الذين رووا لنا حديث التعليم، في صحاح كتبهم التي يجب لها التعظيم والتكريم، ولا يتم الامتثال في الإتيان بالصلاة التي عَلَّمَهَا أمته إلا بذكرهم. ولقد عجبت ممن قال بوجوبها عليه في التشهد في الصلاة، وندبها فيه على آله؛ فإنه تفريق بين ذوي الأرحام في الأحكام وأما أئمة الحديث فلعل العذر لهم في عدم رقم الصلاة على الآل التقوى «التَّقِيَّةُ» لأهل الجفاء والضلال الذين عادوا آل سيدنا محمد ÷، وأخافوهم كل مخافة، كما وقع عصر الأموية، فاقتفى أئمة الحديث وهم في تلك الأعصار إلى حذف الصلاة على الآل في تصانيفهم الصغار والكبار، والتقية تبيح لهم مثل هذا على أنا نحمل أولئك الصالحين من ذلك السلف من صنف في الحديث وألف، أنهم وإن حذفوا الصلاة على الآل قطعا لا يحذفونها عند الكلام لفظًا. ثم إنه قد ذهبت تلك التَّقِيَّةُ، وانقرضت دول تلك الفرق الغوية، ولكنه قد شاب على ذلك =