سورة الكهف
  على فراقهم. وقرئ: باخع نفسك، على الأصل، وعلى الإضافة: أى قاتلها ومهلكها، وهو للاستقبال فيمن قرأ: إن لم يؤمنوا. وللمضى فيمن قرأ: أن لم يؤمنوا، بمعنى: لأن لم يؤمنوا {بِهذَا الْحَدِيثِ} بالقرآن {أَسَفاً} مفعول له، أى: لفرط الحزن. ويجوز أن يكون حالا. والأسف: المبالغة في الحزن والغضب. يقال: رجل أسف وأسيف.
  {إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ٧ وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً ٨ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ٩ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً ١٠ فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ١١}
  {ما عَلَى الْأَرْضِ} يعنى ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} وحسن العمل: الزهد فيها وترك الاغترار بها، ثم زهد في الميل إليها بقوله {وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها} من هذه الزينة {صَعِيداً جُرُزاً} يعنى مثل أرض بيضاء لا نبات فيها، بعد أن كانت خضراء معشبة، في إزالة بهجته، وإماطة حسنه، وإبطال ما به كان زينة: من إماتة الحيوان وتجفيف النبات والأشجار، ونحو ذلك ذكر من الآيات الكلية تزيين الأرض مما خلق فوقها من الأجناس التي لا حصر لها وإزالة ذلك كله كأن لم يكن، ثم قال {أَمْ حَسِبْتَ} يعنى أن ذلك أعظم من قصة أصحاب الكهف وإبقاء حياتهم مدّة طويلة. والكهف: الغار الواسع في الجبل {وَالرَّقِيمِ} اسم كلهم. قال أمية ابن أبى الصلت:
  وليس بها إلّا الرّقيم مجاورا ... وصيدهم والقوم في الكهف همّد
  وقيل: هو لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف. وقيل: إن الناس رقموا حديثهم نقرا في الجبل. وقيل: هو الوادي الذي فيه الكهف. وقيل: الجبل. وقيل: