سورة آل عمران
  بما أوتوه من علم التوراة. وقيل يفرحون بما فعلوا من كتمان نعت رسول الله ÷، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من اتباع دين إبراهيم حيث ادعوا أن إبراهيم كان على اليهودية وأنهم على دينه. وقيل: هم قوم تخلفوا عن الغزو مع رسول الله ÷، فلما قفل اعتذروا إليه بأنهم رأوا المصلحة في التخلف، واستحمدوا إليه بترك الخروج. وقيل: هم المنافقون يفرحون بما أتوا من إظهار الإيمان للمسلمين ومنافقتهم وتوصلهم بذلك إلى أغراضهم، ويستحمدون إليهم بالإيمان الذي لم يفعلوه على الحقيقة لإبطانهم الكفر. ويجوز أن يكون شاملا لكل من يأتى بحسنة فيفرح بها فرح إعجاب، ويحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بالديانة والزهد وبما ليس فيه.
  {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٨٩ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ١٩٠ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ ١٩١} {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فهو يملك أمرهم. وهو على كل شيء قدير، فهو يقدر على عقابهم {لَآياتٍ} لأدلة واضحة على الصانع وعظيم قدرته وباهر حكمته {لِأُولِي الْأَلْبابِ} للذين يفتحون بصائرهم للنظر والاستدلال والاعتبار، ولا ينظرون إليها نظر البهائم غافلين عما فيها من عجائب الفطر. وفي النصائح الصغار: املأ عينيك من زينة هذه الكواكب، وأجلهما في جملة هذه العجائب، متفكرا في قدرة مقدّرها، متدبرا حكمة مدبرها، قبل أن يسافر بك القدر، ويحال بينك وبين النظر: وعن ابن عمر ®: قلت لعائشة ^: أخبرينى بأعجب ما رأيت من رسول الله ÷، فبكت وأطالت، ثم قالت: كل أمره عجب، أتانى في ليلتي فدخل في لحافي حتى ألصق جلده بجلدي، ثم قال: يا عائشة، هل لك أن تأذنى لي الليلة في عبادة ربى؟ فقلت: يا رسول الله، إنى لأحب قربك وأحب هواك، قد أذنت لك. فقام إلى قربة من ماء في البيت فتوضأ ولم يكثر من صب الماء، ثم قام يصلى، فقرأ من القرآن فجعل يبكى حتى بلغ الدموع حقويه، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه وجعل يبكى، ثم رفع يديه فجعل يبكى