مسألة [في خلق الأفعال]
  الحقيقة: كل لفظ إذا أطلق سبق إلى فهم السامع معنى أو معنيان أو أكثر على وجه المساواة.
  وقولنا: أطلق احتراز من اللفظ المقيد بالقرائن، والحقائق على قسمين: مفردة ومشتركة، وهي ثلاثة أنواع: لغوية، وعرفية، وشرعية.
  والمجاز: كل لفظ إذا أطلق لم يفهم معناه إلا بقرينة، والقرائن ثلاث.
  والمجاز على نوعين: مجاز أقرب، ومجاز أبعد، وليس هذا موضع ذلك لأن موضعه أصول الفقه، وقد وسع فيه العلماء رحمهم الله سبحانه، فأودعنا كتابنا الموسوم، بصفوة الاختيار، ما فيه غنى، فإذا كانت الحال كما ذكرنا فأي نوعي المجاز عند السائل إضافة أفعال العباد إليهم، فأي حقيقة توجد في إضافة ذلك إلى غيرهم ما سبق إلى فهم السامع عند قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}[التوبة: ٢] وقوله: {تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}[هود: ٦٥]، وقوله تعالى: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ}[الأحزاب: ١٩]، وقوله تعالى: {إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}[المنافقون: ١] إلى غير ذلك، السابق إلى فهم السامع أو هل هو يبقى متردد الفهم، هل فعلوا ذلك أم فعله فيهم غيرهم؟
  وأما قوله: إن الله نسب إلى الجمادات والأعراض أفعالا على سبيل المجاز، فمسلم ذلك لأن وجود الأفعال من قبلها مستحيل لأنها ليست بحية ولا قادرة، والفعل لا يصح إلا من حي قادر، وإذا أضيف الفعل إليها سبق إلى أفهامنا أنها لا تفعل ولا يصح منها الفعل، فاعلم الفرق بين الأمرين موفقا.