مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في الهدى والضلال]

صفحة 106 - الجزء 1

  الجواب عن ذلك: أنه لا بد لنا من مقدمة نبين فيها معنى الضلال والهدى والإغواء فنضيف إلى الباري تعالى من ذلك ما يليق به جل وعلا.

  أما الضلال فله معان منها: الذهاب، والتقطع؛ كما قال تعالى حاكيا عن المشركين: {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}⁣(⁣١) [السجدة: ١] أرادوا إذا ذهبنا وتقطعنا.

  ومنها: العذاب كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ}⁣[القمر: ٤٧] يريد عذابا ونارا، لأنه لا تكليف هنالك فيقع فيه ضلال المعصية والصدود عن الدين.

  ومنها: الإغواء عن الدين والصدود عن الرشد، كما قال تعالى: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى}⁣[طه: ٧٩]، وقال: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ}⁣[طه: ٨٥] إلى غير ذلك.

  وأما الهدى: فعلى وجوه أيضا منها: بمعنى الثواب، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ}⁣[محمد: ٤ - ٥]، ولا تكليف بعد القتل فتكون الهداية إلى الدين، وإنما هداه لهم ثوابهم، وبمعنى: نصب الدلالة وإيضاح العلم، كما قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى}⁣[فصلت: ١٧].

  ومنها: زيادة التوفيق والتسديد كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً}⁣[محمد: ١٧]، والغوى بمعنى الهلاك، ومنه قولهم: غوى الفصيل إذا كثر عليه اللبن فهلك من ذلك، وغوى: بمعنى مفارقة سبيل الحق وخطأ طريق الرشد.

  وأما الفتنة: فقد تكون بمعنى العذاب كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ


(١) في الأصل: إذا ظللنا في الأرض إنا لفي خلق جديد.