مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في أن الله لا يريد القبيح]

صفحة 110 - الجزء 1

  علي بن الحسين: أفيعصى ربنا قهرا؟ قال: فقال له القدري: أفرأيت إن قضى علي بالرديء، ومنعني الهدى، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال له علي بن الحسين: إن منعك شيئا هو لك، فقد أساء وظلمك، وإن منعك شيئا هو له، فالفضل له يختص برحمته من يشاء. قال: فاسترجع القدري وقال: أشهد أنكم أهل البيت أهل الحكمة وفصل الخطاب.

  الجواب عن ذلك: أن الزيدية بل العدلية جميعا تنفي عن الله ø ما لا يليق بحكمته وعدله من إرادة القبيح وكراهة الحسن وأنه لا يريد الظلم، كما قال: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ}⁣[غافر: ٣١]، {وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، كما قال: {وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، ولا يحب الفساد كما قال تعالى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}⁣[المائدة: ٦٤]، وهذا مذهبهم، والدليل على صحته أن الرضى والمحبة راجعان إلى الإرادة، وإرادة القبيح قبيحه، والله تعالى لا يفعل القبيح، أما أن الرضا والمحبة راجعان إلى الإرادة فلأنه، لا يجوز أن تقول: أرضى هذا ولا أحبه، ولا أرضاه وأريده، ولا أريده وأرضاه، فدل على أن معنى هذه الألفاظ واحد لأن هذا أمارة الاتفاق، كما تقول في الجلوس والقعود لما كان معناهما واحدا لم يجز أن تقول: جلس وما قعد، ولا تقول: قعد وما جلس، بل يعد من قال ذلك مناقضا جاريا مجرى قوله: قعد وما قعد.

  وأما أن إرادة القبيح قبيحة فلأنه قد ثبت أن الإنسان منا إذا قال: إني أريد جميع ما يحدث في البلد من فساد وظلم وسكر فإنه مستحق الذم من العقلاء، وهم لا يذمون إلا على أمر قد تقرر في العقول قبحه، فإن كان مالك الأمر ولم ينكر ولم يكره كان ذلك أقبح، فإذا كان هذا في الواحد منا فكيف يضاف ذلك إلى الملك الكبير، العدل، العزيز الحكيم.