مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في خلق القرآن]

صفحة 123 - الجزء 1

  وَالْأَمْرُ}⁣[الأعراف: ٥٤]، فرق بين الأمر والخلق؛ فلو كان مخلوقا لما كرر الأمر، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «القرآن كلام الله ومن قال مخلوق فهو كافر» إلى غير ذلك من الأخبار.

  الجواب عن ذلك: أن مذهب آل محمد ÷ ومذهب أهل العدل والتوحيد من علماء الأمة: أن القرآن كلام الله سبحانه، ووحيه وتنزيله، نزل به الروح الأمين، على محمد خاتم النبيين ~ وعلى آله الطيبين والمخلوق يحتمل معنيين: أحدهما: المكذوب قال الله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً}⁣[العنكبوت: ١٧] و {إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ}⁣[ص: ٧] فعلى هذا الوجه لا يجوز وصف القرآن الكريم بأنه مخلوق لأنه الصدق الذي لا يشوبه الكذب، والجد الذي لا يخلطه اللعب، والثاني: المحدث الموجود بعد القدم المقدر على وجه الحكمة، فهذا يجوز وصف القرآن الكريم به، بل هو الواجب فيه، قال تعالى في صفته: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً}⁣[الأحقاف: ١٢]، وما كان قبله غيره فهو محدث، وقال الله تعالى: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ}⁣[الشعراء: ٥]، فوصفه بالحدوث، والحدوث والخلق الذي بمعنى الحدوث واحد؛ لأنه مرتب منظوم يوجد بعضه في إثر بعض، وذلك دليل الحدوث؛ أما أنه مرتب منظوم يوجد بعضه في إثر بعض فذلك ظاهر، وأما أن ذلك من أمارة الحدوث فلسنا نريد بالمحدث إلا الموجود بعد غيره وإن سبقه غيره، وذلك المعقول من المحدث عند الكافة من أهل العلم.

  وأما قوله: إنه صفة من صفات الله تعالى القديمة فهذا بناء للفساد على الفساد، إذ المحصلون من آل محمد بل الأمة الوسط لا يثبتون قديما