مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الرابعة في النذر المشروط

صفحة 307 - الجزء 1

  وسأل أيّده الله، عن: الفصل بين المسألتين في التحرير وشرحه

  وهما فيمن أرسل الدابة في زرع الغير فأفسدته لا من فورها، والثانية فيمن حل رسنها ولم يكن نفورها من فورها.

  قال أيّده الله: فقالوا في الأولى يلزمه ضمان ما أفسدته، وقالوا في الثانية لا يكون ضامنا للدابة لأن نفورها باختيارها وإن كان منه سبب ذلك أولا فأول.

  قال أيّده الله: وهذا الوجه موجود في المسألة الأولى فما الوجه الفارق؟

  اعلم أيّدك الله: أن أغراض أهل العلم لا يتمكن من الاتصال بمعرفتها إلا بأن تعرف عللها، وقد ثبت أن كل فعل يفعله الإنسان أو يكون في الحكم كأنه من جهته فإنه يلزمه في الحكم، وإن كان فعل غيره كما يقول فيمن يلقي نفسا بين المطر فتموت، أو يغلق على إنسان بابا ويمنعه من الطعام والشراب، فإن الموت في المسألتين وإن كان فعل الله سبحانه فهو لازم له في الحكم كأنه من جهته، والدابة لها شبه بالآلة من حيث فقد العقل، ولها ضرب من الاختيار لمكان الإلهام؛ فإذا أرسلها في الزرع صارت كالآلة فما حصل منها والحال هذه لزمه، كحافر البئر وناصب الحجر في طريق المسلمين، وإن لم يقع الضرر بهما في الحال فهو لازم له، فأما إذا خلع رسنها فأكثر ما فيه أنه مكنها من فعل ما يوجب الضمان وكانت حركتها للضرر، وفعل الضرر قد وقف على اختيارها فصار بمنزلة من يرى رجلا يروم قتل آخر ويرفع الحديد فيناوله سيفا أو سكينا فقتله به فإنه لا يلزمه والحال هذه ضمان، وإن كان قد مكّنه مما يوجب الضمان بخلاف ما لو كان السيف بيده مسلولا، ثم دهقه فقتل به آخر فإن الضمان على الداهق لأن القاتل صار والحال هذه بمنزلة الآلة، فهذا ما أمكن في هذه المسائل على وجه الاختصار لمكان تكاليف الأشغال، فتفهّم موفقا.

  * * *