مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة [في اختلاف رواية أهل البيت]

صفحة 376 - الجزء 1

  مسألة قوله تعالى: {وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ}⁣[يونس: ٨٨]، كيف يجوز للنبي أن يدعو بذلك، وكيف يجوز من الله سبحانه وتعالى أن يجيب من دعاه بذلك؟

  الكلام في ذلك: أن الدعوة لم تقع إلا على من علم الله سبحانه أنه لا لطف له ولا رجعة، فدعا النبي ÷ بما هو الواجب عقوبة من الله تعالى، وأما إجابة الباري فهو أجاب فيما يفعله تعالى، والإجابة تكريما وتشريفا، كما تشفع الملائكة فيمن ارتضاه لزيادة المنازل ورفع الدرجات فهو تعالى لم يجب إلا فيما يجوز أن يفعله، ويلزم في الحكمة فعله من تعذيب عذابه لأنه لو لم يعذبهم لكان ذلك إغراء بالمعاصي ولما يتميز الولي من العدو، ولكان تمكينا للظالمين من الظلم الذي لم يقع في مقابلته الجزاء ظلم، والله يتعالى عن ذلك كله.

  مسألة في قوله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ}⁣[الأنفال: ٤٤]، كيف يصح رؤية البعض دون البعض والحال واحدة؟

  الكلام في ذلك: أن الله تعالى صرف الشعاع عن بعض المقاتلين، ولم يصرفه عن بعضهم، وصورة الحال فيه أن يجعل بين المقابل وبين الناظر حائلا لطيفا على حد ما يمنع نفوذ البصر ويجلي جهة من يريد إدراكه، وقولنا للمجبرة والمشبهة ومن يثبت الرؤية لا يجوز أن يكون على أيدينا ولا نراه بشرط ارتفاع الموانع، وهم لا يثبتون بيننا وبين الباري تعالى لأن ذلك يوجب كونه جسما، وهم لا يتجاسرون على إطلاق ذلك وإن كان يلزمهم.

  مسألة في قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ}⁣[هود: ١٥]، ما الذي يوفيهم إن كان جزاء أعمالهم الصالحة، فكيف يوفيهم إياه وهو منحط، ولأن الثواب يستحق خالصا على