المسألة الأولى
  المسلمين محمولة على الصحة ما أمكن، والظاهر أن الناس لا يقفون إلا ما يجوز وقفه وهو الثلث فيحكم بصحة الوقف إلا أن تحصل بينة أنه جميع ما يملك الواقف فيرد إلى الثلث أم لا؟ وإن أثبت الثلث هل يكون عنده الثلثان وقفا أو ملكا أم يبطل جميع الوقف خلاف قوله في الأحكام والمنتخب؟
  اعلم أيدك الله بتوفيقه: أن جواب هذه المسألة قد تقدم أو أكثر إلا ما يتعلق بباب الحكم، والواجب استقراء العلة التي بها نقض # الحكم بالثلثين فإن وجدت في الثلث حكمها وإلا كانت قاصرة وذلك لا يجوز؛ لأن العلة إذا وجدت وجب حصول الحكم وجوبا وإلا خرجت عن كونها علة، ولم ينفصل وجودها عن عدمها، والعلة في بعض الحكم في الثلثين عدم القربة وهو قائم في ذلك لأن الشرع المستمر منع من إيثار بعض الورثة على بعض، وإنما جعل للمسلم الثلث ليستدرك به ما فات، ويقوي به الحسنات في آخر عمره، وإذا غلظ به المعاصي وكثر سواد كتاب السيئات كان ذلك نقضا للمراد، وقد ورد الشرع في المساواة بين الأولاد، وفي بعضها: «لو كنت مفضلا لفضلت البنات».
  وأما نقض الحكم فإنا نهاب إثباته لما قد اتضح من الباب، ونهاب نقضه لعظم الحال فيمن أضيف إليه ونحن نعتقد له الفضل علينا بحيث يتدانى الأمر ولا يتقارب، ولا يمتنع وقوع السهو عن النظر في أصل مسألة ومسائل ولا سيما على مثله # فإن أكثر المسائل أملاها وهو على ظهر فرسه تجاه العدو فجزاه الله عن الإسلام خيرا فالوجه في ذلك أن ننظر أصول إثباته للوقف فإن كان القربة فحكمه # ينقض حكمه وهو الرضا وإن كان من رأيه جواز الوقف، وإن لم يتضمن قربة لم ينقض حكمه #